في زماننا يكادُ كلُ إنسانٍ أن يلومَ كلُ النّاسِ – إلا نَفْسَه – على أخطَاءَ قَد شاركَ فِيهَا، فَهِيَ الوحِيدةُ الناجِيةُ مِنَ اللّوم.
يكادُ كلُ إنسَانٍ أَنْ يَرَى نَفْسَهُ مُحوَرَ الكَونِ وأَنَّهُ ضَحِيّةُ ظلمِ الآخرينَ لَه.
يَجْهَشُ صدرُ الإنسانِ بالبكاءِ على حالهِ، وتفيضُ عَيناه بالدُمُوعِ على تَجَنِي الآخرينَ عليه، وينطلقُ لسانُهُ بالشَكْوَى مِنهُم، لكِنّهُ يكونُ أصمًا أبكمًا أعمًى عَن كُلِ مَا لَهُ عَلاقَة بأخطائهِ.
فَهَل أقسَمَ اللهُ بالنفسِ اللوامةِ تعظيمًا لها كما قد يتوهمُ البعض؟!، وذلك بنزعِ القَسَمِ عن سياقِه، أم لأنَّها قد تكونُ من أعظمِ ما قَد يوردُ الإنسانَ المهالكَ يومَ القيامةِ عندَمَا تخلطُ الأوراقَ وتلومُ كلَ أحدٍ إلا هي! وتنسى معَ هذا اللومِ يومَ القيامة، حين يحاسبُ اللهُ العدلُ كلَ إنسانٍ بميزانِ الحقِ لا بميزانِ الهوى الذي لا يجتهدُ إلا في التماسِ الأعذارِ لنفسِه، رغمَ أنَّه يعلمُ جيدًا مِن داخلِهِ أنهُ خاطئةٌ نَفسُه.
﴿ {لا أُقسِمُ بِيَومِ القِيامَةِوَلا أُقسِمُ بِالنَّفسِ اللَّوَّامَةِأَيَحسَبُ الإِنسانُ أَلَّن نَجمَعَ عِظامَهُبَلى قادِرينَ عَلى أَن نُسَوِّيَ بَنانَهُبَل يُريدُ الإِنسانُ لِيَفجُرَ أَمامَهُيَسأَلُ أَيّانَ يَومُ القِيامَةِفَإِذا بَرِقَ البَصَرُوَخَسَفَ القَمَرُوَجُمِعَ الشَّمسُ وَالقَمَرُيَقولُ الإِنسانُ يَومَئِذٍ أَينَ المَفَرُّكَلّا لا وَزَرَإِلى رَبِّكَ يَومَئِذٍ المُستَقَرُّيُنَبَّأُ الإِنسانُ يَومَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَبَلِ الإِنسانُ عَلى نَفسِهِ بَصيرَةٌوَلَو أَلقى مَعاذيرَهُ} ﴾
[القيامة: ١-١٥]