ترتفع القبة العتيقة عن مستوى النهر بنحو 130 متراً فوق سطح الأرض، وتحتل أعلى منحدرات التلال التي تشكل ضفة النيل الغربية في مواجهة مدينة أسوان، وهي تنسب حسبما يقول كثير من الأثريين، إلى أحد الأولياء الصالحين الذين عاشوا في تلك المنطقة أثناء العصر الفاطمي، وكان يلقب ب«سيدي علي أبو الهوا»، قبل أن يدفن في تلك المنطقة، وينشئ له تلاميذه قبة أعلى مقبرته، تستوحي في معمارها القباب الفاطمية التي أنشئت في مصر خلال تلك الحقبة الزمنية.
تطل قبة أبو الهوا على نيل أسوان من الضفة الغربية، في مواجهة الطرف الشمالي لجزيرة الالفنتين مثل حارس عجوز، يتولى مهمة حماية النهر، وهو ينسل بهدوء تاريخي نحو الشمال مخترقاً مصر على مسافة تزيد على ألف كيلو متر.
وتعتلي قبة أبو الهوا مقابر النبلاء في الضفة الغربية للنيل في أسوان، وهي المقابر التي تم اكتشافها في العام 1885 على يد مصطفى شاكر، وكيل القنصلية البريطانية بأسوان، قبل أن يأمر اللورد فرانسيس جرينفيل، قائد القوات الجوية البريطانية في مصر في تلك الفترة، بالبدء في الحفر للتنقيب عن الآثار الموجودة فيها، ليصل فريق البحث إلى مقبرة «ميخو وسابني» التي فتحت الطريق أمام اكتشاف العديد من مقابر النبلاء في تلك المنطقة، ومن أشهرها مقبرة حاكم عصر الرعامسة، فضلا عن العديد من المقابر التي ترجع إلى عصر الدولة الحديثة، ما جعل المنطقة واحدة من أهم المناطق الأثرية في صعيد مصر، نظرا لما تضمه من رفات عائلة اثنين من أهم الفراعنة الذين حكموا مصر، في أواخر الأسرة الثانية عشرة.
يصل الزائر إلى قبة أبو الهوا بواسطة طريقين مائلين نحو النيل، على الناحية الشرقية، لكل منهما جداران حجريان، يفضيان في النهاية إلى القبة، وما حولها من مقابر تصل إلى نحو مئة مقبرة، يعود أغلبها إلى عهد الدولة القديمة والدولة الحديثة، وتضم رفات نبلاء وحكام منطقة النوبة، إلى جانب رفات عدد غير قليل من الأعيان الذين عملوا في تلك المنطقة في العصور الفرعونية المختلفة.
قبل نحو عامين عثرت بعثة ألمانية تنقب عن الآثار في تلك المنطقة، على مجموعة من النقوش الصخرية التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، وهو ما يؤكد أن المنطقة كانت مأهولة بالسكان في عصور ما قبل التاريخ.
ارتبطت قبة أبو الهوا في أذهان المصريين من سكان أسوان وما حولها بالعديد من الطقوس العجيبة، إذ يؤمن كثير من الأهالي في تلك المنطقة بأن الجلوس أسفل هذه القبة، يعجل بزواج العانس ويشفي المتزوجين الذين يعانون العقم، وهو الأمر الذي جعلها قبلة للزوار من سائحين وسكان محليين في العديد من الفترات على مدار العام، لكن نصري سلامة، مدير منطقة آثار أسوان والنوبة يقول: هذه القبة ليست إلا واحدة من الأبراج التي كانت تستخدم للحراسة لتأمين الحدود وحركة التجارة في النيل خلال العصور القديمة، مشيرا إلى أن مقبرة الشيخ علي أبو الهوا توجد على مقربة من هذه القبة، التي تكتسب أهميتها الحقيقية من وجود مقابر النبلاء أسفلها مباشرة.