يعتمد العلاج النفسي بالموسيقى على تقنيات عدّة، مثل الاستماع إلى الموسيقى والتفكير فيها وتأليفها بهدف تحسين صحة المُراجِع ورفاهيته. يلعب اندماج الفرد مع الألحان التي يسمعها دورًا ملحوظًا في تعزيز قدرته على التعبير عن نفسه بسهولة، وتحديد التجارب المريرة التي خاضها ومن ثم معالجتها، وتطوير المهارات الاجتماعية ومهارات التواصل مع الآخرين والمحيط، والعثور على التحرر العاطفي الذي يبحث عنه.
يُشرف على الجلسات العلاجية اختصاصي مُعتَمد في العلاج بالموسيقى، يعقد جلسات فردية أو ضمن مجموعات. تُذكر أيضًا إمكانية تسخير هذا الأسلوب العلاجي بالتعاون مع أنواع أخرى مع العلاج النفسي أو مع أدوية أخرى.
متى يُستَخدم؟
يُوظَّف العلاج بالموسيقى في الكثير من الحالات، بصرف النظر عن الشريحة العمرية التي ينتمي إليها المُراجِع، إذ يساعد الأفراد الذين يعانون القلق والاكتئاب والصدمات على معرفة أسباب آلامهم الكامنة والتعبير عنها. يُحسّن هذا النمط العلاجي أيضًا قدرة المصابين بالتوحد على التواصل والاختلاط عبر تكوين علاقة مع المعالج في بيئة مدروسة تُنفَّذ فيها أنشطة محددة. يُطبَّق هذا العلاج أيضًا على المرضى الموجودين في مؤسسات الطب النفسي ومأوى رعاية المحتضرين، ويشمل أيضًا المسؤولين عن تقديم الرعاية الصحية لهم.
لُوحظت فوائد كبيرة يقدمها العلاج بالموسيقى لمرضى آلزهايمر والخرف وتلف الدماغ التالي للسكتة الدماغية ولمرضى الإصابات الدماغية الرضية. تفتح التجارب الموسيقية -وخاصة غناء الأغاني المرتبطة بالماضي- نافذةً للتعبير عن الذات والتعمق في الوعي العاطفي، ما يسمح للمُراجعين مؤقتًا بالتعبير عن أنفسهم، وتعزيز الوعي العاطفي لديهم، وخلق روابط مع أحبائهم.
ما عليك توقعه من العلاج بالموسيقى؟
بعد التقييم الأولي، سيضع المعالج الخطة العلاجية المناسبة عبر تقنيات تلائم احتياجات المُراجِع الخاصة. تتمثل إحدى الطرق في تأليف الموسيقى، أو عبر ترديد لحن مألوف من الماضي الذي يحن إليه، أو الغناء ضمن فرقة موسيقية، أو الارتجال باستخدام آلات مثل الطبول أو البيانو أو الغيتار.
في ظروف مناسبة تُسمح للمراجع مناقشة تجربته الموسيقية، قد يعمد المعالج إلى سؤاله عن المشاعر أو الذكريات المرتبطة بهذه الموسيقى، أو قد يستمعان معًا إلى أغنية ويناقشان العواطف والذكريات التي تثيرها الأغنية، وفي بعض الحالات، يكتب المراجع أغنيةً ربما تشير إلى شخصية أو صراع في حياته أو تقدم منفذًا للتنفيس الوجداني. قد ينفذ المُراجِع أنواعًا من تمارين التنفس تحت إشراف المعالج، مع سماع الموسيقى أو دونها، للتخلص من التوتر وتهدئة قلقه.
تُمكّن هذه التمارين المعالج والمُراجع من استكشاف العناصر النفسية والعائلية والاجتماعية والثقافية والروحية المكوّنة لعالم الفرد الخاص. يجب التنويه بأن المراجعين لا يحتاجون إلى أي تدريب أو امتلاك موهبة موسيقية؛ لا يركز سير العلاج على المهارات الفنية، بل تُستخدم الموسيقى بمثابة أداة محفزة على التفكير والتواصل.
ما آلية عمل العلاج النفسي بالموسيقى؟
أدرك البشر تأثير الموسيقى وقدرتها الشفائية منذ زمن بعيد، إذ تُوقظ الموسيقى إحساسًا بدائيًا بالإيقاع الذي نمتلكه جميعًا، أما الشكل الحديث من العلاج النفسي بالموسيقى فلم يبدأ إلا بعد الحرب العالمية الثانية -وفقًا لبيانات الجمعية الأمريكية للعلاج بالموسيقى- إذ زار الموسيقيون المحليون المستشفيات لتقديم عروض موسيقية للمحاربين القدامى، أدت بدورها إلى تحسن ملحوظ من الناحيتين الجسدية والعاطفية لدى الجنود المصابين، ما دفع المستشفيات إلى توظيف موسيقيين محترفين لتقديم عروض لمرضاها.
يستمر استخدام العلاج بالموسيقى في المستشفيات حتى يومنا هذا، ما يمنح المؤسسات الصحية جنديًا إضافيًا في حربها ضد الأمراض والإصابات المتنوعة، عبر مساعدة المرضى على التعامل مع الصدمات العاطفية والألم الجسدي بفاعلية أكبر والشعور بمزيد من الثقة والفرح وتعزيز التواصل مع الآخرين.
يستطيع الأفراد خارج إطار المستشفيات الحصول على هذه الفوائد أيضًا، وأن يوظفوا الموسيقى لتثير عاطفتهم، وتخلق بيئةً حوارية من حولهم، وتسهل تعبيرهم عن أنفسهم، وتخفف الضغط والتوتر.
تجدر الإشارة إلى الفوائد التي يحققها العلاج بالموسيقى لدى المصابين بالخرف أو تلف الدماغ، إذ تنبع الموسيقى وتُعالج بمسار مختلف عن الكلام، فيسمح اتباع هذا المسار للمراجعين بالتعبير عن أنفسهم والتواصل مع أحبائهم واستكشاف العالم المحيط بمزيد من الحيوية.
ما مؤهلات المعالج التي يجدر بك البحث عنها؟
اعثر على معالج حائز على درجة البكالوريوس أو الماجستير في العلاج النفسي بالموسيقى من مؤسسة معتمدة تختلف تبعًا للبلد، إلى جانب إكماله التدريب السريري اللازم والبرامج التدريبية الخاضعة للإشراف.
يجب عليك البحث عن معالج يشعرك بوجود اتصال حقيقي بينكما، إذ يساعد إنشاء أساس قوي من الثقة والتقدير على احتضان العملية العلاجية وتحقيق النجاح المرجو منها.