اقتصادالسوق السوداءسلايدر
الدولار يقفز إلى 12 جنيها في السوق السوداء ويتوقع الخبراء ان يتجاوز 14 جنيها خلال أيام
أثارت تصريحات محافظ البنك المركزي طارق عامر، بخفض قيمة الجنيه قبل نهاية العام، الكثير من المخاوف لدى الخبراء الاقتصاديين على مستقبل السياسة النقدية للبلاد، محملينه المسؤولية عن الارتفاعات الجنونية للدولار بالسوق السوداء.
وعلى الرغم من تثبيت “المركزي” لسعر صرف الدولار في عطائه الأخير يوم الثلاثاء، إلا أن هذا لم يقض على ارتباك السوق أو يحد من المضاربات، على أمل التخفيض المرتقب.
من جانبه، توقع عماد مهنا، أستاذ التخطيط الاستراتيجي وعضو مجلس علماء مصر السابق، وصول الدولار بالسوق الموازي إلى 14 جنيهًا، نتيجة تصريحات محافظ البنك المركزي بتخفيض قيمة الجنيه قبل نهاية العام.
وأكد مهنا في تصريح صحفي ، أن الحكومة تعلم بمشكلة الدولار قبل حدوثها بـ8 أشهر كاملة، حيث بدت بوادرها واضحة في أكتوبر الماضي، موضحًا أن المواطن هو من سيتحمل عبء تخفيض قيمة الجنيه، حيث إن مصر تستورد 75% من السلع الأساسية من الخارج، وهو ما يعني أن المواطن يدفع ثلثي ثمن غذائه بالدولار، وهو ما سيترتب علية زيادات كبيرة في أسعار السلع الغذائية.
وأوضح، أن انخفاض قيمة الجنيه ناتج عن ضعف الإنتاج وسوء إدارة البنك المركزي للاحتياطي النقدي، الذي وصل إلى حوالي 17.54 مليار دولار، موزعين كالتالي: 8 مليار دولار ودائع خليجية، و4 مليار ذهب، والباقي حوالي 5.54 مليار دولار حجم الاحتياطي النقدي الحقيقي لمصر.
وأرجع , ضعف الموارد الدولارية لمصر، إلى انخفاض حركة السياحة بسبب فزاعة الأمن – على حد قوله -، وضعف إيرادات قناة السويس بسبب انخفاض حركة التجارة العالمية، وضعف تحويلات المصريين بالخارج نتيجة عدم ثقة المواطن في الوضع الاقتصادي، وإن كانت الشهادة الدولارية التى تم طرحها ساعدت في زيادة التحويلات ولكن تحويل العملة للجنيه في نهاية المدة، أدى لإحجام الكثيرين عنها، هذا إلى جانب ضعف الاستثمار الأجنبي المباشر الذي وصل إلى 4.1 مليار دولار وانخفاض معدلات التصدير.
وطالب عضو مجلس علماء مصر السابق، بغلق مكاتب الصرافة، وتقنين الاقتصاد غير الرسمي، وتحرير سعر صرف الدولار، داعيًا إلى ترتيب الأولويات، فالمشروعات الكبرى مثل محور قناة السويس طموحة وجيدة، ويتم ضخ مليارات فيها، ولكن عندنا 4600 مصنع مغلق، فإذا تم سحب من 12 إلى 15 مليار جنيه لتشغيل هذه المصانع، سيتم تحقيق قيمة مضافة للبلد وسيتم رد الأموال بأرباحها خلال فترة قصيرة.
وأشار، إلى أن قرارات الحكومة لابد أن تكون مدعومة بأهداف مدروسة، فلكي نخفض الجنيه يجب أن يكون هناك أهداف نسعى لتحقيقها، كأن نشجع التصدير مثلما فعلت الصين، عند تخفيض عملتها، ولكن الوضع مختلف في مصر.
وأكد، أنه ليس هناك أي دراسات دقيقة، من جانب الدولة، توضح أثر الدولار على المواطن، وإذا كان هناك دراسات فقد تم تجاهلها من قبل الحكومة.
واتفق معه الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده، في أن تصريحات محافظ البنك المركزي المصري، سبب ارتفاع الدولار بشكل جنوني بالسوق الموازي، لافتًا إلى أن المضاربين يجمعون الدولارات من المصريين في الخارج بسعر 15 جنيهًا، وهو ما ينذر بكارثة – على حد وصفه.
وأشار عبده، في تصريح صحفي، إلى أن مزايا تخفيض الجنيه غير متوفرة في مصر، وهي تشجيع التصدير، وذلك نتيجة لأن مستلزمات الإنتاج كلها نستوردها من الخارج ما يفقد الصادرات المصرية الميزة التنافسية، كما أنه يساعد في زيادة حركة السياحة المنعدمة لأسباب تتعلق بالأمن، ولا دخل للعملة بها.
وتابع: “أما العيوب فحدث ولا حرج، فمصر تستورد 75% من سلعها، وبالتالي فإن تكلفة الاستيراد سترتفع ما سيؤدي لارتفاع أسعار السلع بنسبة 30 إلى 40% مرة أخرى بعد ارتفاعها عقب تخفيض قيمة الجنيه في مارس الماضي، وسيخلق ذلك فرصة للتشكيك في النظام، فهو اتجاه ضد إرادة الدولة”.
ولفت “عبده”، إلى أن تخفيض الجنيه سيرتب أعباء إضافية على الحكومة، عند سداد الديون الخارجية وفوائدها باعتبارها أكبر مدين.
وقال هاني عادل ، محاسب إحدى شركات الصرافة بمحافظة القاهرة، إن الأوضاع الحالية لا تشير إلى أي استقرار في سوق الصرف، وأن الدولار يزحف باتجاه مستويات تاريخية جديدة خلال التعاملات المقبلة، وربما يتجاوز 14 جنيها في أول مرة بتاريخ علاقة الجنيه المصري بالدولار.
وأوضح ، أن أزمة الدولار لن تنتهي بأي شكل في الوقت الحالي طالما أن الطلب يتجاوز العرض عشرات المرات.
وتابع: “التجار وشركات الاستيراد كانوا يعتمدون على السوق السوداء في توفير العملة الصعبة، وبعد قيام البنك المركزي بإغلاق غالبية شركات الصرافة التي كانت تحصل على الدولار من السوق السوداء لم يعد أمامهم أي بديل سوى اللجوء للمضاربين وكبار تجار العملة”.
ولم ينجح البنك المركزي في القضاء على السوق السوداء أو حتى تخفيف حدة هبوط الجنيه من خلال الإجراءات التي اتخذها خلال الفترة الماضية سواء بخفض سعر العملة في آذار/مارس أو العطاءات الاستثنائية أو سحب تراخيص نحو 21 شركة صرافة في الأشهر الستة الأولى من العام.
وطرح مصرفيون وخبراء اقتصاديون ستة سيناريوهات لمستقبل الجنيه المصري، أسوأها تعويم الجنيه الذي من المتوقع أن يصاحبه ارتفاع مفرط في الأسعار وتجاوز التضخم لمستويات ومعدلات غير موجودة عالميا.