السياسة الانكماشية هي مقياس نقدي يشير إما إلى تخفيض الإنفاق الحكومي، وخاصة الإنفاق بالاستدانة، أو إلى خفض البنك المركزي لمعدل التوسع النقدي. وهي أداة من أدوات الاقتصاد الكلي المصممة لمكافحة التضخم المتزايد أو التشوهات الاقتصادية الأخرى التي أحدثتها المصارف المركزية أو التدخلات الحكومية. والسياسة الانكماشية هي عكس السياسة التوسعية.
نظرة عن كثب في السياسة الانكماشية
تهدف السياسات الانكماشية إلى إعاقة التشوهات المحتملة لأسواق رأس المال. هذه التشوهات تشمل ارتفاع معدلات التضخم من توسيع المعروض من النقود، كما تشمل أسعار أصول وآثار مزاحمة غير معقولة، إذ أن الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة يؤدي إلى انخفاض الإنفاق في الاستثمارات الخاصة، الذي بدوره يخفف من حدة الزيادة الأولية من إجمالي الإنفاق الاستثماري.
في حين أن التأثير الأولي للسياسة الانكماشية هو تقليص الناتج المحلي الإجمالي الاسمي (GDP)، الذي يُعرف بأنه الناتج المحلي الإجمالي ويقيَم بأسعار السوق الحالية، فإنه غالبًا ما يؤدي في النهاية إلى نمو اقتصادي مستدام ودورات اقتصادية أكثر سلاسةً.
استُعملت السياسة الانكماشية في وقت مبكر من ثمانينيات القرن الماضي عندما أنهى رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي بول فولكر أخيرًا ارتفاع التضخم من السبعينيات. في ذروتها في عام 1981، بلغت أسعار الفائدة المستهدفة في الصندوق الاتحادي نحو 20%. وانخفضت مستويات التضخم المقاسة من 14 في المائة تقريبا في عام 1980 إلى 3.2 في المائة في عام 1983.
مفاهيم مفتاحية
سياسات الانكماش هي وسائل خاصة بالاقتصاد الكلي مصممة لمكافحة التشوهات الاقتصادية الناجمة عن فرط النشاط الاقتصادي.
تهدف السياسات الانكماشية إلى خفض معدلات التوسع النقدي من جانب المصارف المركزية.
تطبَق السياسات الانكماشية عادةً في فترات التضخم الشديد.
السياسة الانكماشية كسياسة ضريبية
تنخرط الحكومات في سياسة مالية انكماشية عن طريق زيادة الضرائب أو تخفيض الإنفاق الحكومي. وهذه السياسات، بأشدها قسوةً، تستنزف الأموال من الاقتصاد الخاص، آملةً في إبطاء الإنتاج غير المستدام أو خفض أسعار الأصول.
وفي العصر الحديث، نادرًا ما يُنظر إلى الزيادة في مستوى الضرائب على أنها تدبير انكماشي قابل للتطبيق.
بدلًا من ذلك معظم السياسات المالية الانكماشية تنقص من شدة التوسعات المالية السابقة من خلال تخفيض النفقات الحكومية فقط في القطاعات المستهدفة.
إذا قللت السياسة الانكماشية من مستوى المزاحمة في الأسواق الخاصة، فقد تخلق أثرًا محفزًا بتنشيط الجزء الخاص أو غير الحكومي من الاقتصاد. وبدا هذا جليًا أثناء الكساد من عام 1920 إلى عام 1921، و خلال الفترة التالية لنهاية الحرب العالمية الثانية، عندما حدثت قفزات في النمو الاقتصادي متبوعة بتخفيضات كبيرة في الإنفاق الحكومي وارتفاع أسعار الفائدة.
السياسة الانكماشية كسياسة نقدية
تتحكم بسياسة الانكماش النقدي الزيادات في مختلف أسعار الفائدة الأساسية التي تسيطر عليها البنوك المركزية الحديثة أو وسائل أخرى، وهو ما يؤدى إلى زيادة في المعروض من النقود. والهدف من ذلك هو الحد من التضخم عن طريق الحد من مقدار الأموال النشطة المتداولة في الاقتصاد. وتهدف أيضًا إلى الحد من المضاربة غير المستدامة والاستثمار الرأسمالي الذي ربما تكون السياسات التوسعية السابقة قد تسببت فيه.
في الولايات المتحدة، تتجسد السياسة الانكماشية عادةً برفع سعر معدل الأرصدة الاتحادية المستهدفة، وهو سعر الفائدة الذي تحوله المصارف فيما بينها في عشية وضحاها، من أجل الوفاء باحتياجاتها الاحتياطية.
البنك الاحتياطي الفيدرالي يمكن أيضًا أن يرفع المتطلبات الاحتياطية للبنوك الأعضاء في محاولة لتقليص المعروض من النقود أو تحسين أداء تعاملات السوق المفتوحة من خلال بيع الأصول مثل سندات الخزانة الأمريكية إلى كبار المستثمرين. ويخفض هذا العدد الكبير من المبيعات سعر هذه الأصول في السوق ويزيد من عائداتها، ما يجعل السوق أكثر اقتصادًا للمدخرين وحاملي السندات.
مثال من العالم الحقيقي
للحصول على مثال فعلي لسياسة انكماشية في العمل، لا تنظر إلى أبعد من 2018. كما ذكرت “صحيفة دكا تريبيون” عندما أعلن بنك بنغلاديش عن خطط لإصدار سياسة نقدية انكماشية، في محاولة للسيطرة على المعروض من القروض والتضخم والحفاظ في نهاية المطاف على الاستقرار الاقتصادي في البلاد.
وما يزال إجراء آخر للبنك المركزي قيد المراجعة، الذي يهدف إلى خفض نسبة الودائع المقدمة (ADR) للحفاظ على معدلات نمو الائتمان في القطاع الخاص ضمن الحدود المنصوص عليها.