الوباء الحقيقي
لعل التقارير المحلية والعالمية التي تتحدث عن حالة الهلع العالمي من تفشي وباء كورونا ترجع في شقها الموضوعي إلي أن النظام الرأسمالي العالمي في طوره الجديد أضعف قدرة النظام الصحي العالمي علي مواجهة مثل هذا الحدث الذي يتهدد الإنسانية
نظام ضغطت مؤسساته الدولية المالية علي دول وحكومات العالم الفقير من أجل ضغط الإنفاق علي الرعاية الصحية والتعليم والبحث العلمي ، ويتم ذلك منذ عقود في ظل استجابة الأنظمة المحلية لهذه الدول والتي لاتخرج أغلبيتها الساحقة عن كونها بنت نخب تربت علي التبعية لهذه المؤسسات وتتشابك في مصالحها بمصالح قوي الهيمنة القابضة علي المراكز الرأسمالية الدولية ..
حتي في دول المركز الرأسمالي ومحيطها الأوربي اتجهت السياسات دائماً نحو خفض الإنفاق العام علي الرعاية الصحية والتعليم والبحث العلمي ، والإهتمام بتطوير تكنولجيا أسلحة الحروب والتدمير من أجل تعظيم أرباح الإحتكارت الصناعية العسكرية ، وتوظيف هذا التطور في إحكام الهيمنة علي مقدرات شعوب العالم أصبح أكبر من أكبر من الإهتمام بالأبحاث في العلوم المرتبطة بالرعاية الصحية للإنسان ، وماعدا ذلك فهو موظف لخدمة أغنياء العالم فقط ..
في النظام الطبي الحديث في العالم الرعاية الصحية والعلاج والدواء تحولت إلي سوق تهيمن عليه ممارسات احتكارية تمارسها شركات كبري وسلاسل علاجية كبري ..
ولذلك فإن كانت هناك أسباب موضوعية لحالة الهلع العالمي الآن فهي تتمثل في الخوف من عدم قدرة النظام الصحي بوضعه القائم الآن في أغلب دول العالم علي الصمود في وجه أي ارتفاع جديد لمعدلات الإصابة بالمرض وانتشار الوباء ..
ونحن نتمني أن تجتاز البشرية هذا الإختبار الصعب ، نعتقد أنها فرصتها أيضاً للخروج باستخلاص مفاده أن النظام العالمي لم يعد صالحاً للعبور بالبشرية إلي حيث رسوخ سلامها الإنساني وسلامتها من الأخطار البيئية في بيئة تعمل قيم الرأسمالية في طورها الأكثر توحشاً ، والأكثر انفلاتاً قيمياً علي تدميرها وإهدار فرص بقاء النوع البشري ..
للكاتب :-