واشنطن تغيّر استراتيجيتها في اليمن بطلبها وقفاً للقتال في أجل شهر. ما علاقة هذا الموقف بقضية جمال خاشقجي؟ وهل يمكن فعلاً إنهاء الحرب في زمن قصير؟ وهل يترجم الموقف الأمريكي اقتناعاً سعوديا أن الحرب لن تحسم عسكريا؟
لمّحت واشنطن أكثر من مرة إلى ضرورة إنهاء حرب اليمن، لكن هذه المرة جاء موقفها صريحاً بدعوة التحالف الذي تقوده السعودية بوقف ضرباته الجوية، مطالبة بإنهاء الحرب في أجل 30 يوما. هذا التطوّر الجديد الذي أعلنه كل من وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس ووزير الخارجية مايك بومبيو يأتي في فترة الزوبعة الكبيرة التي خلّفها مقتل الصحافي جمال خاشفقجي داخل القنصلية السعودية بإسطنبول، ممّا جعل عدداً من وسائل الإعلام يربط بين الموقف الأمريكي الجديد وبين الضغط الكبير على واشنطن لأجل ردٍ صارم على الإدارة السعودية.
غيّر ترامب مضامين تصريحاته أكثر من مرة منذ اختفاء جمال خاشقجي قبل تأكيد مقتله، ففي البداية ظهر أنه يصدق الرواية السعودية الرسمية، قبل أن ينتقدها ويطالب بوضوح أكبر بالكشف عن المتورطين في هذه الجريمة الشنيعة. قد يعود سبب هذا التغيّر المستمر في التصريحات إلى الضغط الكبير الذي تعرّضت له إدارة ترامب، إثر اتهامها بمحاولة التستر على المسؤولين الكبار في قضية خاشقجي، لذلك حاول ترامب إبداء صرامة أكبر في ردوده الأخيرة. وقد يكون الموقف الأمريكي الجديد بخصوص حرب اليمن، واحداً من الإجراءات الممكنة التي أعلنت الإدارة الأمريكية دراستها بخصوص مقتل الصحافي.
ويقول محمد مصباح، باحث في قضايا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية، لـDW عربية، إن الموقف الأمريكي الجديد يحاول مسك العصا من الوسط في مسألة النزاع اليمني، وذلك حتى يستجيب ترامب للضغوط الداخلية في قضية خاشقجي. ويتحدث الباحث عن أن الموقف الجديد مرتبط بشكل غير مباشر بهذه القضية، ومن خلاله يرغب ترامب بامتصاص غضب النخبة الأمريكية لأجل أغراض سياسية، خاصة ما يتعلّق برهان الانتخابات الجزئية التي ستنظم قريباً بالولايات المتحدة.
سبب آخر التكلفة الإنسانية للحرب
ينسجم الموقف الأمريكي مع دعوات دولية بإنهاء النزاع الذي تسبّب في أسوأ كارثة إنسانية في الشرق الأوسط، إذ يعيش اليمن حالة من الانهيار وانعدام الخدمات الأساسية في ظل المواجهات المستمرة بين المتمرّدين الحوثيين الذين استولوا على السلطة، وبين القوات الحكومية ومن ورائها التحالف الذي تتزعمه السعودية. التكلفة الإنسانية للنزاع خطيرة، فقد حذر مارك لوكوك، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، من أن اليمن قد يشهد مجاعة كبرى لم يُعرف لها مثيل منذ زمن طويل، متوقعاً أن يصل عدد المهددين بالمجاعة الى 14 مليوناً.