منوعات

(تجربة العراق)

بقلم:رسول مهدي الحلو

لايمكن لحياة مجتمع من المجتمعات أن تكون سَوِيّة صحيحة دون أن تعتمد على نظام سياسي وطني نزيه يكون كالعمود الفقري ترتكز عليه جميع جوانب الحياة الأخرى،
ولنا في تجربة العراق خير دليل سواءً لاحظنا تجربته منذ قيام الدولة العراقية الملكية مرورا بالعهد الجمهوري، أو اجتزنا فقط العهد الجديد بعد سقوط النظام السابق،
مؤكد إن تأريخ العراق السياسي لم يعرف الاستقرار بشكل الذي عرفته البلدان المجاورة خصوصاً دول الخليج التي لم تتعرّض إلى المشاكل والأزمات والتقاطعات والانقلابات الدموية والبيضاء منذ قيامها وحتى الوقت الحالي.
لانريد الامعان والغوص في أسباب ذلك ولكن إشارة اجمالية لمعرفة هل إن الديمقراطية نجحت في العراق أم فشلت؟
مع يقيننا إن الديمقراطية العراقية هي ديمقراطية خاصة ليست على منوال الديمقراطيات المعروفة التي يفترض فيها حكم الأغلبية وليس حكم المحاصصة القومية والطائفية والمناطقية كما هو المعمول به حالياً.
إن الديمقراطية العراقية الخاصة وفق المقاسات التي رسمتها الكتل والأحزاب العراقية السياسية بكافة عناوينها جعلت من العراق أسوء بلد في المنطقة من جميع النواحي وعلى كافة المستويات وليس بالضرورة أن نتّخذ من الحقبة السابقة وجهاً من أوجه المقارنة لمعرفة الواقع العراقي لكي يحتج البعض بأن العهد الجديد هو أفضل بكثير من الحقبة السابقة،
بل يفترض إن تكون المقارنة بين العراق والدول الإقليمية ذات المواصفات الموحدة تقريباً على أكثر من جانب وجانب ومن خلال ذلك تتبين حقيقة الواقع العراقي المؤسف والمؤلم، فبالرغم من امكاناته الهائلة التي حباها الله تعالى به إلّا أنه وللأسف مازال أكثر من نصف سكانه يعيشون تحت سقف الفقر مع التردي الكبير للخدمات العامة، والبطالة الواسعة في صفوف الشباب، والاقتصاد الريعي، وتوقف كل أسباب النهوض والتنمية، والفساد المالي والإداري حيث الرشاوى والمحسوبية والمقاولات الفاسدة والصفقات التخريبية وغيرها من مظاهر الفساد والدمار،
كل هذا يحصل مع وجود المحتل الأمريكي الذي لم يتّخذ أي موقف إزاء ذلك بل كان له الدور الواضح في عرقلة الكثير من المشاريع التي يمكن إن تساعد على تخفيف معاناة الشعب العراقي، ومثال ذلك إصلاح الكهرباء إذ تدخلت أمريكا وبقوة لمنع الإتفاق مع شركة سيمنز الألمانية بهذا الخصوص،
كما أنها ساهمت في الإطاحة برئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي بسبب توجهه إلى الصين وعقده بعض الاتفاقيات التمهيدية معها، من خلال تأجيج الشارع بمظاهرات عارمة تطالب بإقصائه وبالفعل تم لها ماتريد وبقي العراق على حاله بل ازداد وضعه سوءاً بعد مجيء رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي إذ تم رفع سعر الصرف للدولار بحجة إصلاحات اقتصادية أدت إلى رفع أسعار المواد الغذائية والانشائية وبذلك زادت معاناة الشعب العراقي أكثر من ذي قبل،
إن الإصلاح الذي تتدعيه بعض الكثل والأحزاب السياسية المشاركة في الحكم من خلال برامجها الانتخابية للدورة القادمة ماهو الّا ذر الرماد في العيون لإن كل محاولة إصلاح تعتبر فاشلة مقدماً إن لم تتغيّر العملية السياسية تغييراً جذرياً من خلال تطبيق الديمقراطية الحقيقية تطبيقاً واقعياً يتضمن حكم الأغلبية وتنتهي بذلك المحاصصة القومية والطائفية والمناطقية التي تبناها نظام الحكم البرلماني الحالي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى