نوهت الدراسات السابقة بأن زيادة الوزن في مرحلة الطفولة ترتبط بالإدخال المبكر للأطعمة الصلبة ضمن النظام الغذائي للرضيع. تشير الدراسة الجديدة إلى أن الإدخال المبكر للأطعمة الصلبة قد يعرض الأطفال الرضع إلى خطر زيادة الوزن، على الأقل جزئيًا، بسبب تغير الجراثيم المعوية.
قال نويل مولر الأستاذ المساعد في قسم علم الأوبئة في كلية بلومبرج: «لم نعرف بعد العلاقة بين الإدخال المبكر للأطعمة الصلبة وتطور البدانة لاحقًا، لكن النتائج التي توصلنا إليها تشير إلى أن الاختلال في الجراثيم المعوية قد يكون أحد التفسيرات».
توصي جمعيات أطباء الأطفال عادةً بإدخال الأطعمة الصلبة بعد 4 – 6 أشهر من الرضاعة الطبيعية، بوصفها مكملات غذائية لحليب الأم أو حليب الأطفال. تشير الأبحاث السابقة إلى أن الأطفال الذين يتناولون الأطعمة الصلبة قبل الشهر السادس من عمرهم أكثر عرضةً لزيادة في الوزن في مرحلة الطفولة، وأشارت إلى أن توقيت إدخال الأطعمة الصلبة يرتبط أيضًا بتطور الإكزيما والحساسية للأطعمة والربو وحمى القش (التهاب الأنف الأرجي)، وغيرها من الحالات المتعلقة بفرط الحساسية.
لفهم ذلك، حلل مولر وفريقه بيانات دراسات التغذية التي أُجريت على الرضع في مدينة دورام في ولاية كارولينا الشمالية في السنة الأولى من العمر. كان هدف هذه الدراسة أساسًا استكشاف العوامل المبكرة التي قد تؤهب لتطور البدانة لاحقًا عند الأطفال.
أجرى العلماء في هذه الدراسة مقابلات مع الأمهات كل 3 أشهر، وناقشوا النظام الغذائي للرضع وعوامل أخرى، وجمعوا أيضًا عينات البراز من الرضع. احتوى التحليل الجديد على معلومات عن 67 طفلًا، ولجأ الباحثون إلى مقارنة تأثير إدخال الطعام الصلب على أنواع الجراثيم ومنتجاتها الثانوية، وذلك عبر فحص عينات البراز في الشهر الثالث والشهر 12 من العمر.
وجد الفريق أن العينات التي أُخذت من الرضع الذين تناولوا الأطعمة الصلبة بدءًا من الشهر الثالث احتوت على تنوع عالٍ من الجراثيم، أي تجمعات جرثومية معوية مختلفة ومتنوعة، مقارنةً بالعينات التي أُخذت من الرضع الذين تناولوا الأطعمة الصلبة فيما بعد. تتوافق هذه النتيجة مع دراسة نرويجية أُجريت سنة 2018، أفادت بأن وجود جراثيم معوية كثيرة التنوع في عمر 3 أشهر يؤهب لزيادة الوزن لاحقًا في مرحلة الطفولة.
قاس الباحثون أيضًا في عينات البراز مستويات الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة، التي تُعَد من المُنتَجات الثانوية للجراثيم العضوية، إذ ربطت الدراسات السابقة الوجود المرتفع لهذه الأحماض -مثل حمض بوتيريك- في عينات البراز لدى البالغين بزيادة خطر البدانة وداء السكري وارتفاع ضغط الدم.
وجد مولر وفريقه أن الرضع الذين تناولوا الأطعمة الصلبة في عمر 3 أشهر أو قبل ذلك، لديهم تركيزات مرتفعة جدًا من حمض بوتيريك وسواه من الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة، وذلك في الشهر 12 من العمر، ما يشير إلى أن أثر إدخال الأطعمة الصلبة مبكرًا يظهر فيما بعد.
تتوافق النتائج عامةً مع الأدلة البارزة، وهي أن تغيرات الميكروبات المعوية تُعَد عاملًا رئيسيًا في تطور الحالات الأيضية والمناعية الشائعة، وتشير إلى أن العلماء يتبعون مسارًا صحيحًا في دراسة هذه التغيرات. قال المؤلفون إننا في حاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث لتحديد كون هذا التنوع في الميكروبات وقياسات تركيز الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة يقود بالفعل إلى تطور البدانة وغيرها من الاضطرابات لاحقًا، لذلك ما زال البحث جاريًا حول الأمر.