دراسة جديدة نُشرت في مجلة Science، أجراها فريق من الباحثين يقوده الدكتور ميشيل لازار، أستاذ داء السكري والأمراض الاستقلابية ومدير معهد بين لمرض السكري والبدانة والاستقلاب، يسلط لازار ضوءًا جديدًا على السؤال.
يقول لازار مؤلف الدراسة: «تتزامن الساعات الداخلية في الدماغ مع الساعات في النسج المحيطية، وأي خلل في هذا النظام سيرافقه خلل وظيفي في الاستقلاب، لكن كيف تتحكم البيئة والعوامل الجينية في الساعات في النسج المحيطية؟ وهل يحدث تواصل بين الساعات في أنواع مختلفة من الخلايا؟ ما تزال الإجابات مجهولة».
صمم فريق لازار بقيادة الدكتور دونجين جوان نموذجًا فأريًا يتضمن تعطيل الساعة الداخلية للخلايا الكبدية الرئيسية، وهي المركز الرئيسي للاستقلاب في الجسم. لاحظ الباحثون تراكم جزيئات الدهون الثلاثية في الدم، ما يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري والسكتة الدماغية. تدل هذه النتائج على أهمية الساعات الداخلية في الأنسجة الكبدية في الحفاظ على التوازن الاستقلابي.
كانت النتائج مدهشة، فقد أُعيدَت برمجة استقلاب الأنواع الأخرى من الخلايا الكبدية تلقائيًا عندما تعطلت الساعة الداخلية للخلايا الكبدية. يقول جوان: «إن اكتشاف عملية تواصل الساعات الداخلية بين الخلايا من أنواع مختلفة مثير جدًا، ويقترح أن الجسم يعمل بإيقاعات متناسقة، وهي طريقة لم تُكتشَف سابقًا».
رغم أن دورات النهار والليل تسبب تحفيز بعض التصرفات مثل النوم، توجد أدلة على أن استهلاكنا الغذاء عامل مؤثر في تزامن ساعاتنا المحيطية. أظهرت دراسة أُجريت حديثًا أن تناول الوجبات خلال زمن محدد في اليوم يفيد عملية الاستقلاب، ويفضل العديد من مختصي التغذية الصيام المتقطع لخسارة الوزن.
لاحظ فريق لازار أن موعد الطعام وتكامل عمل ساعة الكبد الداخلية يحدثان تغيرات في عملية الاستقلاب. بالأخص، أظهر الباحثون أن نصف الجينات المتحكمة في الإيقاعات ينظمها أمران: الساعة الداخلية وموعد تناول الطعام.
يأمل لازار أن يصبح لدينا فهم أفضل لتأثير الطعام في الإيقاع الداخلي للجسم، وأن يقودنا هذا الفهم إلى نظام غذائي أفضل للعمال الذين يعملون في مناوبات مختلفة المواعيد، ومن أجل استراتيجية علاجية لمن لديهم خلل استقلابي أو من يعانون البدانة أو السكري.
في تقرير نُشر في مجلة Obesity، اكتشف الباحثون أن تنظيم مواعيد الوجبات الغذائية يساعد الناس على خسارة الوزن بتقليل الشهية عوضًا عن حرق السعرات، مثل نظام الصيام المتقطع أو تناول الطعام في أوقات مبكرة من النهار. وهي أول دراسة تركز على تأثير مواعيد الوجبات في استقلاب الطاقة خلال اليوم، بالربط بين كميات الطعام المتناولة وموعد تناول الوجبات.
يقول الدكتور إيريك رافوسن، مساعد المدير التنفيذي لمركز الأبحاث الطبية الحيوية في جامعة بيننغتون، أحد القائمين على هذه الدراسة: «إن تنسيق وقت الوجبات مع الإيقاع اليومي، أو مع ساعة جسمك الداخلية، استراتيجية فعالة لخفض الشهية وتحسين صحة استقلابك».
وتقول الدكتورة كورتني بيترسون، مؤلفة الدراسة، الأستاذ المساعد في قسم علوم التغذية في جامعة ألباما برمنغهام: «نعتقد أن تنظيم مواعيد الوجبات يساعد معظم الناس على خسارة الوزن أو المحافظة عليه، إذ يسبب كبح الشهية، فيقلل من الكميات المتناولة».
أفادت بيترسون وزملاؤها في تقريرهم أن تنظيم مواعيد الوجبات قد يساعد الناس على حرق كمية أكبر من الدهون في المتوسط خلال اليوم. يساعد نظام الإطعام المبكر المحدد زمنيًا (eTPF) -وهو أحد أشكال الصيام المتقطع، يتناول فيه الشخص وجبة العشاء عصرًا- الجسم على تحسين قدرته على تبديل مصدر إنتاج الطاقة من الكربوهيدرات إلى الدهون، ما يُعرف بالمرونة الاستقلابية.
يقول القائمون على الدراسة إن النتائج المتعلقة باحتراق الدهون في الجسم تُعَد أوليةً. تقول بيترسون: «تحتاج هذه الاستراتيجيات التي تساعد الناس على خسارة دهون الجسم إلى الخضوع للاختبار والتأكيد عبر دراسات أوسع».
شارك في التجربة 11 رجلًا وامرأة بالغين يعانون زيادة الوزن. وامتدت الدراسة من نوفمبر 2014 إلى أغسطس 2016، يتمتع المشاركون عمومًا بصحة جيدة، أعمارهم 20 – 45 عامًا، ومؤشر كتلة الجسم لديهم 25 – 35 كغ/م2، ووزنهم 68 – 100 كغ، وقت النوم المعتاد من الساعة 9:30 – 12:00 مساءً، والدورة الشهرية منتظمة عند النساء.
جرب المشاركون طريقتين مختلفتين لتنظيم مواعيد وجباتهم بترتيبٍ عشوائي، تضمن جدول مجموعة الضبط من المشاركين تناول 3 وجبات خلال 12 ساعة في اليوم، وجبة الفطور الساعة الثامنة صباحًا، ووجبة العشاء في الثامنة مساءً.
أما في جدول العينة الأخرى من المشاركين الذي اختبر نظام الإطعام المبكر المحدد زمنيًا، فقد تناول المشاركون 3 وجبات خلال 6 ساعات من النهار، وكان الفطور الساعة الثامنة صباحًا والعشاء الساعة الثانية بعد الظهر، وتناول المشاركون في كلا الجدولين الطعام نفسه كمًا ونوعًا. وهكذا استمرت فترة صيام مجموعة الضبط 12 ساعة يوميًا، و18 ساعة لدى مجموعة اختبار نظام الصيام المتقطع.
واظب المشاركون على اتباع النظام 4 أيام متصلة. في اليوم الرابع قاس الباحثون استقلابهم بوضعهم في غرفة تنفس -جهاز يشبه الغرفة- وقاسوا كمية السعرات والكربوهيدرات والدهون والبروتينات المنصرفة. قاس الباحثون أيضًا مستويات الشهية عند المشاركين كل 3 ساعات في فترة استيقاظهم، وعايروا مستويات هرمونات الجوع في الصباح والمساء.
رغم عدم ظهور الكثير من الاختلافات في استهلاك السعرات بين كلا المجموعتين، كانت مستويات هرمون الجوع (الغريلين) أقل عند المجموعة التي طبقت الصيام المتقطع، وأبدت تلك المجموعة تحسنًا في الشهية، وازداد حرق الدسم لديهم خلال اليوم.
تقول الدكتورة بيترسون: «استطعنا إصابة عصفورين بحجرٍ واحد عندما اختبرنا نظام الإطعام المبكر المحدد زمنيًا».
استطاع الباحثون تسليط الضوء على نظام الصيام المتقطع اليومي، إضافةً إلى استراتيجيات تنظيم مواعيد الوجبات التي تتضمن تناول الأكل باكرًا في النهار لتكون التغذية متوافقة مع الإيقاع اليومي. يعتقد الباحثون أن هذين النوعين من استراتيجيات تنظيم الوجبات سيكون لهما فوائد مشابهة لفوائد نظام الإطعام المبكر المحدد زمنيًا.
تقول الدكتورة هولي راينور غير المشاركة في الدراسة: «تساعدنا هذه الدراسة على توفير مزيد من المعلومات حول أهمية النمط الذي نتبعه لتناول الطعام في تحقيق وزن صحي، وليس فقط ما نأكله».
قالت بيترسون إن جدلًا يدور حول فكرة علاقة تنظيم مواعيد الوجبات بخسارة السعرات، فهل يسبب تنظيمها حرق المزيد من السعرات أم أنه يؤثر في الشهية ويقللها؟
تقترح الدراسات على الفئران أن هذا التنظيم يزيد من حرق السعرات، لكن نتائج الدراسات على البشر محيرة، فبعضها يشير إلى أن تنظيم مواعيد الوجبات يزيد حرق السعرات، وبعضها الآخر لا يظهر أي فرق.