عام 1912، عثر أحد أهم الفرق البحثية الألمانية بقيادة عالم المصريات الألماني “لودفيج بورشاردت”، علي رأس جميلة الجميلات المصرية، الملكة نفرتيتي، وذلك في مدينة “أخيتاتون”، أو “تل العمارنة” بمحافظة المنيا اليوم
طيلة أكثر من قرن مضي، أثار تمثال رأس الملكة نفرتيتي الكثير من الدهشه والتساؤل، فتلك التحفة الفنية وجدت في منطقة صحراوية نائية من مصر الوسطي، قبل أن يتم العثور علي أطلال مدينة عملاقة كانت يومًا عاصمة لمصر، تلك الأطلال ضمت مدينة هائلة زُينت جدران منازلها وأسوارها وقصورها بنقوش وزخارف بالغة الجمال والدقة، ما يؤكد أن تلك الفترة من تاريخ مصر كانت تشهد ازدهارًا، ولما لا وأن الاسرة الثامنة عشر هي أول أسر المملكة المصرية الحديثة، وهو العصر الذي وصلت فيه مصر القديمة إلى ذروة قوتها.
“الجميلة أتت”.. هكذا يعني اسمها، تلك الملكة التي تُعد واحدة من أكثر النساء غموضًا وقوة في تارخ مصر القديمة، بل ويمكن وصفه بانها اشهر ملكات مصر القديمة غموضًا، تزوجت الملك اخناتون، رائد الوحدانية في مصر القديمة، وذلك خلال الفترة من 1353 إلى 1336 قبل الميلاد، ويُعتقد أنها حكمت المملكة الحديثة مباشرة بعد وفاة زوجها، وقد مثلت فترة حكمها فترة اضطراب ثقافي هائل، حيث أعاد إخناتون توجيه البنية الدينية والسياسية في مصر حول عبادة إله الشمس آتون.
أكثر ما تشتهر به الملكة نفرتيتي هو ذلك التمثال النصفي المذي صُنع من الحجر الرملي الملون، والذي أعيد اكتشافه في عام 1913 وأصبح رمزًا عالميًا للجمال الأنثوي والقوة، كانت طيلة فترة زواجها من اخناتون، ورغم تلك الأحداث العنيفة، مليحه المحيا، بهيجه التاج، صاحبة الريشتين، تلك التي إذا ما أصغي إليها الإنسان طُرب، سيدة الرشاقة، ذات الحب العظيم، تلك التي يسر رب الأرضين سماعها، حتي أن اخناتون كان يفضل أن يطلق عليها اسم سيده جميع النساء.
رغم ما اشتهرت به الملكة نفرتيتي ودورها في الحياة المصرية، إلا أن البعض يؤكد علي أنها ليست ذات أصول مصرية، فهناك من يعتقد ذات أصول سورية، وأنها جاءت في عهد الملك امنحتب الثالث، ثم اخذت اسم مصري كما جرت العادة، ورأي بعض المختصين انها ابنه الملك امنحتب الثالث، أي أنها أخت اخناتون، وأنها قد تكون من نفس الأم الملكة “تي”، أو قد تكون من زوجة أخرى، وأن كان ذلك يواجه اعتراضًا جوهريًا، فهناك البعض يؤكد علي أن نفرتيتي هي ملكة من أصل مصري، وإن كانت لا تنتسسب للأسرة المالكة، خاصة وأن شقيقتها “موت نجمت” ملكة مصرية قديمة غير حاكمة، أو زوجة ملك عاشت في آخر الأسرة الثامنة عشرة، وهي زوجة الملك حورمحب آخر ملوك هذه الأسرة.
طبقا للنقوش التي تم الكشف عنها في “تل العمارنة” و”معبد أتون” في الكرنك، يظهر لنا أن زواجها من الملك اخناتون من المحتمل إنه قد تم في نهايه العام الأول لاعتلاء العرش، أو بدايه العام الثاني، وفي العام السادس للحكم هاجرت مع زوجها إلى تل العمارن، يصطحبهم ثلاثة من بناتهم، وقد عاشت مع زوجها حياه زوجيه سعيده وهانئه تتميز بالقرب التفاهم العقلي، بل والتوافق العقائدي، كما شاركت زوجها في كافه المناسبات الرسميه والطقوس الدينية، وهو ما جعل الكثير من المؤرخين يعتقدون إنها كانت شريكة في الحكم، فنراها الى جانب زوجها في دور العباده تردد معه صلاه الشمس، ونقش أخر في شرفات القصر يطلان على الجموع الحاشدة التي تجمعت في الساحه ويقدمان الهدايا إلى رعاياهم من العسكريين والمدنيين، كما رافقته في المواكب الرسمية وهم يستقبلان السفراء والوفود الاجنبية.