أيها الضالع في حزني المتخثر
مذ كنت وحدك في التيه البكر
بلادا”
وكان رماد البدء
سواد الخليقة قبلك
ليس وجهك الرقراق الذي امتطى
عشائر الغيم
وانهمر وابلا” من الضحكات
عند الفجر
ووابلا” من النكبات
والهزائم
ليس الآلهة وحدهم
يتوضؤون برذاذ خطاك الفتية
ورعاف صوتك الممشوق
على مخمل الأرض
وليس الطغاة وحدهم
يقيمون لك الليل الأبله الذين سميتهم
شعوبا” وقبائل
أيضا”
وما أشبه بظلي
كان أول’ العباد
ربما، لم يكن هناك في أقصى البلاد
وشاح لوجهي
أو أجنحة للغبار
و لعابري السبيل
لم تكن دروب تتكىء حينا”
كالغيم المرهق
على ركبة الريح
ليمضي في سبيله
هم وحدهم يعلمون أن قامة النار
لم تنم هنيهة”
في قفطان المدينة
والمهووسون بالحرائق مثلهم
وبأزيز البنادق
والسابقون من قبلهم
حتى اللاحقون بعدهم
مثلهم أو مثلنا
لا أدري
ربما الكلام حينئذ
تشظى في سفر التكوين
حتى المراثي تدثرت بعباءات القوافي
ولم ترتق في السر الدفين
مداها
كعادتها الهمهمات
تمضي وحيدة” في غبار الشرق
دون عودة
قالوا إن للحروف هامات خفية
وأسماء الجمر
ومقامات للوجع في أوانها
كم من الحروف
انطفأت في تجاعيد الوجد
والظمأ المزمن
تكوى قبل أوانه
أو بعد عتمة الرماد
مرة” أخرى
تندلق لغتي المسبية
في دمي
وتتقد كغابة الليلك
على مد العين
هناك أيضا”
أمد تويجات الورد
آخر الليل
حتى مطلع الفجر
وهنا بلاد
ورثت ابتهالات الدم والخيل
أبا” عن جد
وولاويل الحروب
وعار النساء
كأنهم في الشبه اللعين
قطعان شاردة
من جيل إلى جيل
منهك هذا الآدمي من بخور الأدعية
والصلوات
والمجد الرذيل
ويغتصبون قرنفل الحب
من المهد إلى اللحد
ويرقصون طربا”
أو ينتحبون على دوي العويل
ويحلمون في مهب الرصاص
ولا أدري هل كان الرماد
أول البدء
أم أن الحرائق
منذ الظلمة الأولى
كانت قبل الخلق
أو بعد؟
هي للذكريات العقيمة
تواريخي
وخيباتي
وانكسارات القلب
مذ كان الحب
ملثما” بالظل
ودخان الولائم
وماكان العبق النبوي
في مضاجع الورد
لولا القصيدة التي شيدها
خضاب دمي
وأتوه في غياهب الكلام
بلا رشد
بلا درب على متن خطاي
حتى تخوم الأغنيات
وزغاريد الشجر
ولا زال الظل المجون
يغتاله فينا
عبيد الولائم