“إدانة الانقلاب العسكري في تركيا”، الموقف الموحد لأغلب الأحزاب المعارضة لسياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكان أبرزهم حزب “الشعب الجمهوري” المعارض، الذي أعلن تأييده للإرادة الشعبية التركية، التي لا غنى عنها لتحقيق الديمقراطية، وحزب “الحركة القومية”، الذي أعلن دعمه للديمقراطية والإرادة الحرة للشعب التركي.
واستطلعت “النهار” آراء باحثين في الشأن التركي بشأن دعم المعارضة التركية لـ”أردوغان” وحكومته، رغم المواقف المتشددة بين الطرفين خلال الفترة الأخيرة.
قال مصطفى زهران، الباحث السياسي المتخصص في الشأن التركي، إن رفض الأحزاب المعارضة محاولة الانقلاب ليس معناه الوقوف بجانب “أردوغان” وحكومته، بقدر ما تشير إلى حرص المعارضة التركية على الحالة السياسية التي تمر بها بلادهم حاليا، وعدم استبدال عملية الخصومة في الإطار السياسي المشروع بأخرى تفتقد للديمقراطية، مع تدخل الجيش في السلطة.
وأضاف زهران، لـ”النهار”، أن تحفظات المعارضة التركية على “أردوغان” وحكومته لم تمنعها من إنكار النهضة التي شهدتها البلاد منذ انتقال السلطة إلى حكومة مدنية، فضلا عن بعض الممارسات الديمقراطية المشهود بها للسلطة المدنية التركية، مثل إعطاء قبلة الحياة للأكراد داخل المشهد السياسي، والسماح لحزب “الشعوب الديمقراطي” الكردي بالدخول في الحياة السياسية، بعد انسحاب الجيش من السلطة وتولي السلطة المدنية مقاليد الأمور هناك.
وأشار الباحث السياسي إلى أن المعارضة التركية تعي جيدا أن بعض الممارسات المتشددة لحزب العمال الكردستاني المعارض هي وليدة حالة القمع، التي كان يمارسها الجيش التركي في أثناء حكمه للبلاد سبعينيات القرن الماضي، مؤكدا أن المعارضة فضلت إنقاذ تركيا من عواقب وخيمة اقتصاديا وسياسيا، إذا ما عاد العسكريون للحكم مرة أخرى، حيال نجاح الانقلاب على “أردوغان” وحكومته.
ووصف زهران ما يحدث في تركيا بـ”تنقية ذاتية” لنظام “أردوغان”، مشددا على أن سياسات الحكومة وحزب “العدالة والتنمية” ستتغير تماما تجاه معارضيه خلال الفترة المقبلة، وسيتجه بقوة للالتحام مع الشارع التركي، وسيتوقف عن بعض التجاوزات التي ربما أخذها عليه معارضوه بقوة مؤخرا، مضيفا “غير أن جماعة فتح الله كولون، هي من ستتحمل ضريبة محاولة الانقلاب الأخيرة في تركيا، لأن الشارع بدأ يربط بين بعض الممارسات التي حدثت في الساعات الأخيرة، وجماعة كولون”.
فيما أرجع صلاح لبيب، خبير العلاقات الدولية والباحث المتخصص في الشأن التركي، رفض أحزاب المعارضة التركية محاولة الانقلاب ضد “أردوغان” وحكومته، إلى وعيهم بتاريخ الانقلابات العسكرية الأربعة التي شهدتها بلادهم، وأنها تتجه فورا لاعتقال أعضاء الحزب الحاكم والتنكيل بكل أحزاب المعارضة، مشيرا إلى أن الحكم العسكري في تركيا لم يعترف، طوال تاريخه، بالتجربة الديمقراطية وممارساتها.
وأضاف لبيب، أن حزبي المعارضة الكبيرين في تركيا، وهما “الشعب الجمهوري” و”الحركة القومية”، اعتبرا تلك المحاولة الانقلابية ميتة قبل ولادتها، لعدم وجود قائد لذلك الانقلاب، وعدم تأييد قيادات الجيش التركي له منذ البداية، ورفض رئيس هيئة الأركان له، فضلا عن عدم وجود غطاء دولي لذلك الانقلاب، بعكس الانقلابات العسكرية السابقة في تركيا التي كانت تحظى بتأييد من حلف “الناتو” وموافقة دولية واضحة.
وأكد الخبير في الشأن التركي أن أحزاب المعارضة لم تغفل انتقال أنقرة، خلال العقد الأخير، من مصاف الدول المدينة إلى قائمة دول الـ”20″، بفضل التجربة الديمقراطية التي لا تتوافق مع الحكم العسكري، موضحا أن الخلاف بين الحكومة والمعارضة هو بيني يتعلق بالإدارة الداخلية لـ”أردوغان” وبعض سياساته الخارجية ضد سوريا وإيران، وتعامله مع الأكراد، غير أن تلك الخلافات لم تصل لمرحلة العداء مع الرئيس وحكومته.
وشهدت العاصمة التركية “أنقرة” ومدينة “إسطنبول”، في وقت متأخر من مساء الجمعة، محاولة انقلابية فاشلة، نفذتها عناصر محدودة في الجيش، حاولوا خلالها إغلاق الجسرين اللذين يربطان شطري إسطنبول، والسيطرة على مديرية الأمن فيها وبعض المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة، فيما قوبلت المحاولة الانقلابية باحتجاجات شعبية عارمة، أجبرت الآليات العسكرية على الانسحاب، وساهمت في إفشال المحاولة الانقلابية.