يجب علينا في البداية فهم كيفة تَكَوُّن التجارب الأولى و كيفية تعامل الدماغ معها فالأطفال الرُضَّع يعتمدون على نوعين من الذكريات، الذكريات الدلالية Semantic memory و الذكريات العرضية episodic memory.
الذكريات الدلالية تتكون عندما يتعامل الدماغ مع المعلومات غير المعتمدة على الإختبار الذاتي مثل (أسماء، الألوان، تواريخخ الأحداث التاريخية المهمة و غيرها).
أما بالنسبة للذكريات العرضية فيتم تكوينها من خلال الإختبارات الشخصية مثل كيف كان أول يوم لك في المدرسة و أين كنتت عندما وقعت حدث مهم ما.
و مع الوقت الطويل الذكريات العرضية تتحول إلى ذكريات دلالية في أغلب الأحيان، فأنت على الأغلب لا تتذكر أنك تعرفت على الكلاب من خلال لعبك مع كلبك الأول، إلا أنك تعرف ما هو الكلب فقط.
العلماء يعتقدون أن السبب وراء عدم قدرتنا على إسترجاع الأحداث من الطفولة هو كيفية تخزين تلك الذكريات و كيفية الوصول إليها .
في حين أن النوعين من الذكريات تتخزن في مناطق مختلفة من قشرة الدماغ إلا و أنه حتى سن الثانية إلى الرابعة يبدأ الجزء المسمى بحُصيّن الدماغ hippocampus بصنع شبكات بين المناطق المختلفة ليشكل فيما بعد مصدر مركزي واحد للمعلومات
هذه الإرتباطات تسمح للأطفال كما و للبالغين باسترجاع ذكرياتهم على المدى الطويل.
هل هذا الكشف عن كيفية تعامل الدماغ مع ذكريات الطفولة المبكرة يفسر حقاً لماذا لا نتذكر أنفسنا و نحن أطفال رُضَّع؟
في النتائج التي نشرت في مجلة Science كشفت النقاب عن سبب فقدان الذاكرة الذي يصاب به الأطفال و البالغين عن سنوات عمرهم الأولى.
فالدراسة ألقت الضوء على تَكوُّن خلايا جديدة في الدماغ فعملية بناء خلايا عصبية جديدة و التي تُعرف ب neurogenesis، تحدث خلال كل فترة حياة الثدييات، إلا أن الأطفال الصغار يُنتجون هذه الخلايا بكميات كبيرة في أوقات قصيرة و قياسية، و تتمركز هذه الخلايا في منطقة الحُصَيّن والمسؤول عن استرجاع الذكريات في المناطق الأخرى البعيدة التي تتخزن بها.