خرج اللبانيون إلى الشوارع في أكتوبر الماضي بعدما طفح الكيل نتيجة أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد منذ نهاية الحرب الأهلية، وأدت الاحتجاجات إلى إسقاط حكومة سعد الحريري.
وبعد عدة أشهر، تولى حسان دياب رئاسة الحكومة، لكن لا يبدو أن الأمور تحسنت، لا بل إنها ساءت أكثر حسبما يقول الواقع.
وتسببت الأزمة طويلة المدى في فقدان الليرة اللبنانية 80 بالمئة من قيمتها، مما أدى الى زيادة التضخم والفقر، فيما حُرم أصحاب الودائع إلى حد بعيد من القدرة على السحب من حساباتهم الدولارية.
وبلغ عدد العاطلين في العمل داخل لبنان نحو نصف مليون شخص، فيما بلغت نسبة الذين بلا عمل بين الخريجين إلى 37 بالمئة، طبقا لأرقام المديرية العام للإحصاء المركزي في لبنان.
لبنان دولة فاشلة
وقال وزير الاقتصاد اللبناني راؤول نعمة، إن “الانتكاسة الاقتصادية التي تعرض لها لبنان جعلته دولة فاشلة”.
وأضاف أن بلاده تعيش في خضم أزمة غير منظورة من جانب العالم، لكن أكد أنه “سيتم في نهاية المطاف الاتفاق على خطة إنقاذ مع صندوق النقد الدولي”.
وتابع: “هناك ضوء في نهاية النفق. واثق 100 بالمئة من أنه سيتم الاتفاق قريبا على خطة إنقاذ دولية لمساعدة لبنان”.
وردا على سؤال حول ما إذا كان من الإنصاف وصف لبنان بأنها دولة فاشلة ، قال: “بالطبع إنها كذلك، فالأزمة الاقتصادية أدت إلى انهيار الأشياء الأساسية (..)”.
وقال: “الحكومة تفعل في رأيي كل ما هو مطلوب للخروج من هذه الأزمة “، وهو أمر لا يتفق معه كثير من اللبنانيين الساخطين على أداء السلطات.
أخطاء الماضي والكهرباء
وتحدث الوزير عن إخفاقات الحكومات المتعاقبة في لبنان، وقال : “نحن ندفع ثمن الإدارة السيئة للاقتصاد والجانب المالي من اختلالات الموازنة وميزان المدفوعات لمدة 30 عاما. الكثير من الناس الذين كانوا ميسوري الحال باتوا الآن على حافة الفقر”.
وحتى العاصمة اللبنانية بيروت، تشهد قطعا منتظما للتيار الكهربائي يترواح بين ساعتين وثلاث ساعات يوميا.
وكان رئيس أكبر مستشفى عام في لبنان، حذر في حديث سابق إلى “سكاي نيوز”، من نقص مصادر الطاقة وتراجع استيراد الأدوية، بسبب معدل التضخم الهائل.
وتعليقا على أزمة الكهرباء، قال نعمة إنها “مشكلة في الإمداد وليست مشكلة تمويل”، واصفا الأمر بـ”الفظيع” ومتحدثا عن سلسلة الإمدادات التي تعرضت إلى الانهيار.
وليس لدى لبنان القدرة على توفير الكهرباء على مدار الساعة منذ الحرب الأهلية، التي استمرت بين عامي 1975 و1990، مما جعل منازل كثيرة تعتمد على مولدات كهرباء أو على أصحاب مولدات خاصة يتقاضون رسوما باهظة، كي تظل بضعة مصابيح مضاءة.
الخطة المتعثرة
وإزاء هذا الوضع المنهار، انخرط لبنان في محادثات مع صندوق النقد الدولي من أجل الاتفاق على خطة إنقاذ مالي لـ”بلاد الأرز”، التي ترزح تحت ديون وصلت إلى نحو 90 مليار دولار، أي ما يعدل 170 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي.
لكن المحادثات تعثرت في مايو، بسبب خلاف بين الحكومة والبنك المركزي على حجم الخسائر في النظام المالي وكيفية توزيعها.
وقال مسؤولو صندوق النقد الدولي إن المساعدة المالية لا يمكن أن تتم إلا عندما يتم تنفيذ الإصلاحات المالية، إلى جانب الاتفاق على حجم الخسائر.
وبحسب حكومة دياب، فإن لبنان يحتاج إلى مبلغ 83 مليار دولار لتعويض الخسائر التي لحقت بالقطاع المصرفي، لكن سياسيين ومصرفيين لبنانيين يرون أن رئيس الوزراء يبالغ في تقدير هذه الخسائر.
في المقابل، أعرب نعمة عن ثقته بصحة هذه الأرقام، وأكد أن “ليس أمام بيروت من مناص سوى التعاون مع صندوق النقد، حتى لو أرادت التحول شرقا” كما يقول بعض الساسة، في إشارة إلى طلب المساعدة من الصين.