النيوليبرالية هي نموذج سياسي يربط بين السياسة العامة والدراسات الاجتماعية مع الاقتصاد، وهي تسعى إلى نقل السيطرة على العوامل الاقتصادية من القطاع العام إلى القطاع الخاص. إنها نموذج يميل نحو نموذج الرأسمالية المعروف بـ السوق الحرة بعيدًا عن الإنفاق الحكومي .
حُددت النيوليبراليّة في ثمانينيات القرن الماضي بالحكومات المحافظة، في كل من إنكلترا والولايات المتحدة الأمريكية اللتين قادتهما حينها كل من مارغريت تاتشر Margaret Thatcher ورونالد ريغان Ronald Reagan على التوالي، ولكنها ارتبطت مؤخرًا بما يسمى بسياسة الطريق الثالث، والتي تسعى إلى إيجاد حل وسط بين أيديولوجيات اليمين واليسار.
فهم النيوليبرالية:
إحدى طرق فهم النيوليبراليّة بشكل أفضل هي عبر المنظمات والنقابات التي تنتمي إليها، وفي بعض الأحيان من خلال تناقضاتها الدقيقة مع الحركات والمفاهيم السياسية والاقتصادية الأخرى.
ترتبط النيوليبرالية غالبًا باقتصاديات الحماية، وهي السياسة التي تؤكد على الحد الأدنى من تدخل الحكومة في القضايا الاقتصادية للأفراد والمجتمع. وتتميز هذه النظرية باعتقادها أن النمو الاقتصادي المستمر سيؤدي إلى التقدم البشري وازدياد الثقة بالأسواق الحرة والتأكيد على التدخل المحدود للدولة.
مفاهيم رئيسية:
تدعم النيوليبراليّة بدرجة كبيرة كلًا من التقشف المالي وإلغاء القيود والتجارة الحرة والخصخصة وتقليص الإنفاق الحكومي.
في الآونة الأخيرة، ارتبطت النيوليبرالية وبشكل واضح بالسياسات الاقتصادية لكلٍّ من رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر والرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغان.
هناك العديد من الانتقادات للنيوليبرالية، بما في ذلك تأثيرها السلبي على كل من الديمقراطية وحقوق العمال وحق الدول ذات السيادة في تقرير المصير.
يُعتقد عادةً أن النيوليبرالية تدعو إلى مزيد من التدخل في الاقتصاد والمجتمع أكثر من الليبرالية، على سبيل المثال، يفضل الليبراليون الجدد عادةً فرض الضرائب التدريجية، على عكس الليبراليين الذين يتجاهلونها في كثير من الأحيان مقابل دعم مخططات مثل معدل الضريبة الثابتة للجميع.
ولا يمكن وصف النيوليبراليين بالضرورة بالحياديين حول قوى السوق، إذ إنهم يؤيدون في أحيان كثيرة تدابير مثل عمليات إنقاذ الصناعات الرئيسية، والتي تُعتَبر من المحرمات على الليبراليين.
ملاحظة هامة: على الرغم من استلهام النيوليبرالية والليبرالية من الليبرالية الكلاسيكية والتي كانت منتشرةً في القرن التاسع عشر، فإن النيوليبرالية تركز على الأسواق في حين تحدد الليبرالية جميع جوانب المجتمع.
الليبرالية مقابل النيوليبرالية:
يدور النقاش حول مدى ارتباط النيوليبراليّة بمصطلح الليبرالية الذي ألهمها، فبالنسبة للكثيرين تُعتَبر الليبرالية في جوهرها فلسفةً سياسيةً واسعة، تتمتع بالحرية على مستوى عالٍ وتحدد جميع الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجتمع، مثل دور الحكومة والتسامح وحرية التصرف.
من ناحية أخرى، يُنظر إلى النيوليبرالية على أنها أكثر محدوديةً وتركيزًا، وتهتم بالأسواق والسياسات والتدابير التي تساعدها على العمل بشكل كامل وكفء.
نموذج يُرضي القليلين:
قد يجدر القول إن مصطلح النيوليبراليّة يُستخدم غالبًا بشكل اتهامي ونادرًا ما يُستخدَم بقصد وصف الحالة، ففي عالم مستقطب سياسيًا تتعرض النيوليبرالية لانتقادات من كل الجهات، وغالبًا لأسباب متماثلة.
يرى النقاد أن التركيز على الكفاءة الاقتصادية قد يعيق عوامل أخرى، فعلى سبيل المثال: قد يؤدي تقييم أداء نظام النقل العام بشكل مجرد من خلال مدى كفاءته الاقتصادية إلى اعتبار حقوق العمال عائقًا أمام تحسين الأداء. ويشير نقد آخر بأن صعود النيوليبرالية أدى إلى ظهور حركة مناهضة للشركات الكبيرة، إذ يرى المنتقدون بأن تأثير الشركات الكبيرة يتعارض مع تحسين المجتمع والديمقراطية.
وعلى صعيد مماثل، هناك انتقاد يشير إلى أن تركيز النيوليبرالية على الكفاءة الاقتصادية قد شجع العولمة، والتي يرى المعارضون بأنها تحرم الدول ذات السيادة من حق تقرير مصيرها.