تتابع وسائل الإعلام أخبار البرلمان، كرد فعل لما يحدث دون إدراك لا لطبيعة المرحلة، ولا لكيفية المسيرة التى مرت بها مصر فى رؤية السيسى لإعادة بناء الدولة وترشيد المجتمع نحو إنجاز الاستحقاق الثالث، وتحول الأمر إلى جماعة إعلامية تعيد إنتاج «الأسوأ» و«تعممه»، الأمر الذى ينطبق عليه المثل الشعبى: «زغرتى ياللى منتش غرمانة»، ولم يتوقف العبث إلا بعد القرار الحكيم بوقف البث لحين ضبط النفس من جميع الأطراف خاصة الإعلام.
تابعت عشرة برلمانات (1976 – 1984 – 1987 – 1990 – 1995 – 2000 – 2005 – 2010 – 2012 – 2015) وخمسة رؤساء (السادات، حسنى مبارك، محمد مرسى، عدلى منصور، السيسى)، وثمانى عشرة وزارة: ممدوح سالم، مصطفى خليل، السادات، حسنى مبارك، فؤاد محيى الدين، كمال حسن على، على لطفى، عاطف صدقى، كمال الجنزورى، عاطف عبيد، أحمد نظيف، أحمد شفيق، عصام شرف، كمال الجنزورى، هشام قنديل، حازم الببلاوى، إبراهيم محلب، شريف إسماعيل.
لم أشهد اضطرابا فى النظام السياسى خاصة السلطة التشريعية، قدر ما حدث فى برلمانات 2010، و2012، و2015، كان برلمان 2010 هو القشة التى كسرت ظهر حسنى مبارك، كذلك لعب برلمان الإخوان 2012 الدور الأساسى فى ضرب شعبية الجماعة فى مقتل، أما برلمان 2015 فقد حمل من المؤشرات التى تنبأ بالخطر، وكما قلت أخطر مؤشر خطر.. فشل الإعلام، ولا أقول الصحافة، ودعونى أؤكد لكم أن غياب مراكز الأبحاث المتخصصة وتحول أغلب الباحثين الثقاة إلى «إعلامجية» فى خدمة سلطان المال من أصحاب الفضائيات قد حول الجهل إلى واقع مرئى أدى إلى تزييف الوعى.
لم يتوقف أحد أمام أن الدولة القديمة بقيادة «المماليك المباركية» تحكم، وأن السلطة التشريعية هى نتاج اختيار شعبى خاصة برلمان 2012 صوت فيه الشعب بنسبة %78 للإسلاميين، ثم بعد عام واحد شعر الشعب بالخديعة فخرج عن بكرة أبيه فى 30 يونيو لإسقاط ما اقترفته يداه فى صناديق الاقتراع!! لم ير أحد أن حلف 30 يونيو تفكك بفعل فاعل، نخبة شبابية غير ناضجة استباحت أصحاب الخبرات من النظام القديم، وأشاعت بينهم روح الخوف التى تحولت إلى رغبات فى الانتقام من ثورة 25 يناير، وعادت رموز النظام القديم إلى الإعلام عن طريق فضائيات مملوكة لرجال أعمال «مباركيين»، وعبر بعض البرامج تم تشويه ثورة 25 يناير تحت سمع وبصر الجميع، الأمر الذى أدى إلى تمرد أحمق لقطاعات من الشباب، قابله عدم خبرة من المجموعة المتنفذة فى الحكم، وفى الوقت نفسه عزفت قطاعات ليست قليلة عن التصويت ولعبت الأقليات العرقية والدينية والجهوية دورا كبيرا فى ملء الفراغ، إضافة لدور رأس المال الانتخابى عبر الأقلية المالية التى شكلت جماعات مصالح تحت مسمى أحزاب.. وقفزت إلى صدارة المشهد، وفى غياب حزب للرئيس وجدنا، وكما تردد، أن الأجهزة الأمنية نفسها تملأ الفراغ وتلعب دور الأحزاب فى مواجهة الطغم المالية، ومن ثم نحتاج قليلا من ضبط النفس والتقاط الأنفاس، والبحث عن الجوانب المضيئة فى مجلس نواب لا يركز الإعلام فيه إلا على 22 نائبا، ويلهث خلف الإفيهات الشاذة وكأن الإعلام الفضائى لا يهتم إلا بتشويه صورة المجلس، وأكثر من %95 من نوابه.
أبناء جلدتى «الإعلامجية» لا داعى للتحجج بأنكم لا تشكلون الظاهرة بل تنقلوها، هناك أكثر من %95 من النواب لم تسلطوا عليهم الضوء.. هذا مجلس النواب المصرى وليس القطرى!!
سليمان شفيق