كشف محام مصري مؤيد للثورة السورية أن نظام الأسد استبعد اسمه من قائمة بعثة المراقبين العرب الذين أوفدتهم الجامعة العربية بهدف تقييم الأوضاع بداية الحرب في سوريا، وأن هذا النظام وضع اسمه على قائمة الممنوعين من الدخول إلى سوريا لأنه أقام دعوى قضائية لطرد السفير السوري في مصر آنذاك.
وروى المحامي “يوسف المطعني” أنه كان يتابع الوضع في سوريا آنذاك من خلال أحد أفراد البعثة الذي كان رفض ذكر اسمه لأسباب خاصة وكان يبلغه بما يدور بشكل شبه يومي، وخصوصاً في منطقة “بابا عمرو”، ناقلاً له إن رئيس بعثة المراقبين العرب الفريق أول محمد أحمد مصطفى الدابي، كان يرتكب مخالفات جمة في إطار مهمته، كما تعرّض أفراد البعثة للتضليل من جانب النظام، مشيراً إلى أن “هناك شوارع غُيّرت أسماؤها بوضع لافتات جديدة لها بقصد التعمية والتمويه على الأماكن المتضررة.
ولفت “المطعني” إلى أن “اختيار أعضاء البعثة من قبل جامعة الدول العربية ومن ضمنهم الدابي على غير المعايير التى يتطلبها هذا النوع من المراقبة، أثر بشهادة الجميع على عمل اللجنة، بالإضافة إلى ضعف الأداء وقلة الخبرة، وعدم وجود معايير واضحة للاختيار، وخلو طاقم البعثة من الحقوقيين واقتصار الاختيار على أفراد من الضباط”.
بدأ التنسيق بين عضو البعثة المذكور والمحامي “يوسف المطعني” بإرسال بعض الوثائق والفيديوهات وكلها كانت تصب في أن العمل بقيادة الدابى غير نزيه، وروى “المطعني” أن المصدر أبلغه قبيل سفر البعثة لانتهاء مدة وفترة عملها بأن الدابي سيصل إلى القاهرة، مؤكداً بأنه سيعقد مؤتمراً صحفياً لتقديم تقريره عن عمل البعثة، وأن هذا التقرير سيركّز على وضع المعارضة المسلحة بما يتناسب مع النظام، أي سيركز على جملة وقف العنف لتوجيه الأذهان إلى أن الطرفين المتنازعين متناسبان بالقوة والعتاد، وسيذكر أحداثاً لم تحدث، وسيعمد إلى إخفاء أحداث حصلت في سياق التقرير.
وتابع المحامي المعروف بدفاعه عن السوريين، إن “التقرير المقدم للجامعة العربية جاء بهذا المضمون فعلاً، بل أشاد بتعاون النظام مع فريق البعثة، رغم أنه في حقيقة الأمر كان النظام يوجه البعثة لزيارة أماكن موالية له ليقدم صورة معاكسة للواقع”.
وبحسب الفيديوهات والوثائق التي أُرسلت من عضو البعثة إلى المحامي “المطعني” كان الدابي يستخدم في تنقلاته الرسمية سيارات البعثة الممهورة بشعار جامعة الدول العربية، أما في مهامه الخاصة فكان يتنقل في سيارات خاصة مجهولة الملكية”.
إزاء ذلك تقدم “المطعني” آنذاك بصفته مفوضاً من منظمة “عدالة” لحقوق الإنسان، ببلاغ للنائب العام المستشار الدكتور “عبد المجيد محمود” ضد الفريق محمد مصطفى الدابي، مطالباً بالتحقيق معه ومحاكمته بتهمة تزوير الوقائع وشهادة الزور، والاشتراك في جرائم ضد الإنسانية، والتحريض على ارتكاب جرائم ضد شعب بأكمله من تشريد واغتصاب، وتضليل العدالة وخيانة الأمانة”.
ويروي المحامي المصري أن “مكتب النائب العام اتصل بالجامعة العربية وتم إبلاغه بأن الدابي غادر البلاد إلى السودان في الوقت الذي كان لايزال موجوداً في مصر –حسب المطعني- بدليل أنه عقد مؤتمره الصحفى بمطار الخرطوم في اليوم التالي بعد رجوعه.
وحول عدم القبض على الدابي واتخاذ الإجراءات القانونية بحق من القضاء المصري أوضح “المطعني” أن بلاغه أخذ مجراه القانوني، ولكن عادة بالنسبة للشخصيات الدبلوماسية يتم الاتصال من قبل النيابة العامة بالخارجية التي هي صلة الوصل بين الحكومة المصرية والسفارة أو الهيئة الدبلوماسية، والجامعة العربية -كما يشير محدثنا-تعتبر بمثابة الهيئة الديبلوماسية، وكشف أنه كان في مكتب النائب العام لدى إجراء هذه الإتصالات وردت الجامعة العربية ردت بخطاب رسمى لمكتب النائب العام فوراً بأن الدابي غادر بالفعل البلاد.
وفسّر “المطعني” التهاون الذي حصل تجاه القضية بأن “مصر كانت في قبضة المجلس العسكري وكانت بلا قانون”-حسب وصفه- بعد الخروج من الثورة علاوة على نفوذ الاستخبارات وتدخلها وكل هذه الأمور وغيرها حالت دون توقيف رئيس لجنة المراقبين العرب”.
والمفارقة -كما يقول– المحامي المطعني– أن الدابي وصفه في المؤتمر الذي عقده في الخرطوم بأنه محام مغمور يريد الشهرة من خلال إثارة هذا الموضوع، ورد “المطعني” عليه “بأني ربما أكون محامياً مغموراً ولكني لست متورطاً بجرائم إبادة في دارفور بجنوب السودان”.