قصة بناء سد اللاهون :
أهتم أمنمحات الثالث بكل ما يتعلق بمياه النيل وباستصلاح الأراضي ، فقام بتنظيم مياه النيل وقياس ارتفاع الفيضان حتى لا تضيع هباء في حالة الفيضان القوي ولا تتعرض البلاد للجوع والجفاف إذا جاء الفيضان ضعيفًا وكان تسجيل الفيضان يتم عند قلعتي سمنة وقمنة ، ولا زالت بعض القياسات موجودة توضح لنا مستويات النهر في أعوام معينة ويصل عددها إلى ثمان عشر ارتفاع للفيضان.
وتجلى اهتمام الملك أمنمحات الثالث بالفيوم عندما حاول الاستفادة من مياه النيل الزائدة بتخزينها في منخفض الفيوم ، ولذلك أقام سد اللاهون الكبير عند مدخل مدينة الفيوم به فتحات لتصريف المخزون من المياه عرف بقناطر اللاهون
الهدف من بناء سد اللاهون :
وتعود قصة هذا السد إلي أن الملك أمنمحات الثالث قام بابتكار نظام ري للوجه البحري بأن اتخذ من منخفض إقليم الفيوم الذي ينخفض في بعض أجزائه عن البحر بحوالي 129 قدماً ، خزاناً للماء وهي بحيرة موريس التي أصبحت بعد ذلك بحيرة قارون المعروفة حالياً بهذا الأسم فشيد علي الفتحة الموجودة في سلسلة الجبال التي تربط وادي نهر النيل بمنخفض الفيوم سدًا عظيمًا هو سد اللاهون .
إثر ذلك نشأت هذه البحيرة الهائلة والتي كانت تمد نهر النيل بعد ذلك بالماء خلال فترة التحاريق حتي ورود الفيضان مرة أخرى أي أنه كان يقوم بالدور الذى تقوم به مشاريع الري العملاقة التي شيدت علي مجرى نهر النيل في مصر مثل القناطر العديدة وخزان أسوان والسد العالي في عصرنا الحديث .
يرجع تاريخ بناء سد اللاهون الأثري إلى عصر الدولة الوسطى وخاصة الأسرة الثانية عشر الفرعونية ، عندما حرص ملوك هذه الدولة على استصلاح أراضي إقليم ومدينة الفيوم ، وقاموا بالعديد من الاصلاحات الادارية والزراعية والمالية وغيرها الكثير من نظم الري ، وقد تجسد ذلك بصورة واضحة في حرص الملك أمنمحات الثالث (سادس ملوك الأسرة الثانية عشر) على استغلال موارد هذا الإقليم المهم من القطر المصري لذا عمد إلى إنشاء سد اللاهون وإعاد الملك أمنمحات الثالث حفر بحيرة موريس (قارون حاليًا) لاستغلالها وجعلها خزانًا للماه ينتفع بها وقت الحاجة ، وبذلك كان الهدف من هذه القناطر المساهمة فى حماية الفيوم من أخطار الفيضان قبل بناء السد العالى.
فلذالك يعتبر سد اللاهون أقدم سد في التاريخ ، فهو يرجع إلى 4000 سنة ق م ، وهو من آثار منطقة اللاهون بمحافظة الفيوم الذى أنشأه الملك أمنمحات الثالث سادس ملوك الأسرة الثانية عشرة ، المنتمية للدولة الوسطي الفرعونية كما ذكرنا من قبل ، وذلك ، لمواجهة موسم الفيضان والحد من أضراره والملك أمنمحات الثالث هو من أشهر وأقوى من تولي الحكم من تلك الأسرة بعد أبيه سنوسرت الثالث ، وشهدت البلاد في عهده إستقرارا عظيماً فقدعَم في ربوع مصر حينها الرخاء والأمن والأمان ، ويعد سد اللاهون المكون من قنطرتين كل منها يحتوي على ثلاث عيون تمر منها المياه من أهم السدود التي أنشأها الفراعنة على بحر يوسف لحماية الفيوم من الفيضانات.
نبذة عن مركز اللاهون بمحافظة الفيوم :
قرية اللاهون إحدى القرى التابعة لمحافظة الفيوم ، والتى يعود اسمها الى العصر الفرعونى،وذلك فى اللغة المصرية القديمة ، وأسم اللاهون يعنى «راحن» وهو أسم معناه فم البحيرة ، لوقوعها فى مدخل الفيوم من ناحية الجنوب الشرقى ، واصبحت فى اللغة القبطية القديمة «لاهون» ثم اضيفت لها اداة التعريف فى العصر الإسلامى.
هذه القرية تضم العديد من الآثار منها ، هرم اللاهون الذى شيده سنوسرت الثانى ، وهو واحد من المعالم الأثرية الهامة بمحافظة الفيوم ، وقد بنى من الطوب اللبن ،يكسوه الحجر الجيري، ويبلغ ارتفاعه 48 مترًا وطول قاعدته 106 أمتار، ويقع مدخله في الضلع الجنوبي منه، يبعد عن مدينة الفيوم نحو 22 كيلو مترًا، بناه الملك سنوسرت الثاني من الأسرة الثانية عشرة
وكان مبنيًا فوق ربوة عالية ارتفاعها 12 مترًا، وقد استكشفه العالم الإنجليزي وليم فلندرز بتري 1889م، وعثر بداخله على الصل الذهبي الوحيد الذي كان يوضع فوق التاج الملكي، وهو محفوظ بالمتحف المصري وبالكشف أيضاً في هذه المنطقة تم العثور على مقبرة الأميرة “سات حتحور” بجوار الهرم، وكنوز هذه الأميرة محفوظة حتى الآن بالمتحف المصري. وتضم منطقة هرم اللاهون جبانة تقع على مقربة من الهرم، وتسمى بجبانة اللاهون، كما تضم مقبرة مهندس الهرم ويدعى إنبي، وفي الشمال 8 مصاطب كانت مقابر لأفراد الأسرة المالكة، من بينها مقبرة “سات حتحور”،بالإضافة إلى مدينة عمال اللاهون «كاهون»،وكذلك تضم منطقة اللاهون مدينة عمال اللاهون وكانت تذعى أيونت وتقع حول هرم سنوسرت الثاني، وترجع أهميتها إلى أنها أقدم البلاد المصرية الواضحة المعالم ،وأخيرًا قناطر اللاهون الأثرية والتى يرجع تاريخ بنائها إلى الأسرة 12 الفرعونية التى كان لها باع كبير فى الفيوم فى هذه الفترة من حكم الفراعنة .
أهمية سد اللاهون :
كان لبناء هذا السد ، الأهمية الكبرى في إنقاذ مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية التي كانت تغمرها مياه فيضان النيل عند قدومه في أواخر فصل الصيف من كل عام ، مما أدى إلي زيادة فى هذه المساحات الكبيرة من الأراضي الزراعية فى هذه المنطقة خاصة وفى عموم البلاد وأيضاً كان من نتائج بناء هذا السد العظيم ، إنقاذ مدينة الفيوم من الغرق التى كانت تتعرض له كل عام وقت الفيضان، وكذلك تخزين مياه الفيضان للأستفادة منها وقت الحاجة ، وكان لهذا السد الأهمية الكبرى في إنقاذ مساحات كبيرة جداً من الأراضي الزراعية ، التي كانت تغمرها مياه فيضان النيل عند قدومه وأستسصلاح هذه المساحات الشاسعة من الأراضى الزراعية والتى تمت زراعتها ، أدى إلى زيادة مساحات الرقعة الزراعية عامة ، والتى أثرت على التنمية الزراعية وزيادة الرخاء فى مصر ، وكذلك تم أنشاء مدن جديدة حول بحيرة موريس كما إن مد النيل بالماء أيام التحاريق له أعظم الفائدة على عموم البلاد .
أنشاء مقياساً للنيل :
كما أقام الملك أمنمحات الثالث مقياسا للنيل في جنوب مصر عند قلعة سمنة وقمنة ببلاد النوبة للتعرف علي كمية مياه الفيضان سنويا والذى كان علي أساسه يتم تقدير الضرائب علي الأراضي الزراعية وهو الأساس الذى سار عليه كل من حكم مصر في كافة العصور بعد ذلك بداية من العصر الفرعوني مرورا بالعصر اليوناني الروماني والعصر المسيحي والعصر الإسلامي وكان ثاني المنشآت الإسلامية في مصر هو مقياس النيل في جزيرة الروضة الذى أنشيء في البداية علي يد والي مصر وقائد جيش الفتح الإسلامي الصحابي الجليل عمرو بن العاص ثم تم تجديده بعد ذلك أكثر من مرة ،وقد وُجد عند «سمنة» و«قمة» سلسلة نقوش غاية في الأهمية رغم قصرها وهي تسجل ارتفاعات النيل، والأعمال المائية العظيمة التي قام بها «أمنمحات الثالث» لتنظيم مياه النيل عند دخولها وخروجها في منخفض الفيوم .