مُنذ الصغر تعلمنا أن قُطبي المغناطيس الموجب والسالب يتجاذبا مع وجه الاختلاف بينهم إلا أن تشابه القطبين يُحدث تنافر بينهم, وعندما نتأمل أكثر في قول الله تعالى: “ومن كل شيء خلقنا زوجين” [الذاريات: 49], في هذه الآية إشارة إلى أن كل نوع يختلف عن الآخر وإن كانا من نفس واحدة كما قال الله تعالى: “هو الذي خلقكم من نفس واحدة ” [الأعراف :189], أي أن الأصل ثابت, أما الفرع متغير كما أن العقيدة ثابتة أما الشريعة متغيرة وكل ما هو متغير فهو مختلف حسب الزمان والمكان, بل أن الزمان والمكان وإن كانا من نسيج واحد إلا أن آينشتاين أثبت أنه لا وجود لزمان ولا مكان ولا سكون مطلق ولا حركة ولا كتلة مطلقة. ولهذا خرج لنا بنظريته المعروفة بـ “النسبية” بل والأدهى من ذلك ما أدى إلى بلبلة في حياة العلماء عندما وجدوا أن الذرات تارة تتصرف كجسيم وتارة تتصرف كموجة , فكيف يقوم البرهان على شيئين متناقضين إلى أن رد عليهم د.هايزنبرج بكل بساطة وقال: “الحقيقة المطلقة لا سبيل إلى إدراكها” وهذا ما أشار إليه آينشتاين أن كل ما نتصوره من حولنا هو ناتج عما يدركه جهازنا العصبي وهو خاص بعالمنا , وبعد تفصيل الوحي والعقل في أن ليس كل ما ندركه حقيقي فالأفضل من الجميع تقبل الآخرين كما هم عليه, مهما اختلفت وجهات النظر بيننا , ففي النهاية نحن متفقون على خط واحد نسير فيه لتحقيق ذواتنا من خلال سلطة الاحترام التي تجعلنا نتقبل الآخرين كماهم عليه , فلنغير نظرتنا تجاه الآخرين ليدرك جهازنا العصبي ذلك ويصبح مرناً في تقبل آراء من حولنا حتى نتواصل معهم تواصل ناجح , فما هو التواصل إلا النتيجة التي نحصل عليها من خلال إدراكنا للأمور, ولن يتحقق ذلك إلا عندما ندرك ونتقبل أنفسنا أولا ً ثم ندرك ونتقبل بأنفسنا الآخرين, تصديقاً بقول الله عزو وجل: ” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ” [الرعد : 11], وإني لأعلم أن لفِي هذه الأُمة أُناسٌ ذُو وعيٌ مرتفع يدركون حديثنا, بوعيهم يصطحبون غيرهم إلى القمة , قمة في الشمال وقمة في الجنوب, باختلاف مكانهم , يقع تجاذبهم , ليعادلوا طاقة الاحترام بعقولهم.
بقلم: محمد المهدي كاتب ومحاضر التطوير الذاتي