اصدرت بعض التقارير الواردة من دولة إيطاليا –التي ما يزال الارتفاع فى إصابة بالمرض، إضافةً إلى كل من الشيخوخة ووجود حالات طبية سابقًا. يتبع هذا الاتجاه الفاشيات التي حدثت سابقًا، مثل فيروس كورونا المُسبب للمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة «سارس» في عام 2003، وجائحة الإنفلونزا الإسبانية عام 1918.
إذن، لماذا يؤثر كوفيد-19 على الرجال أكثر من النساء؟
إيطاليا هي ثاني أسوأ دولة في العالم متضررة من جائحة فيروس كورونا الجديد «سارس-كوف-2»، إذ إن عدد الوفيات يستمر بالارتفاع يوميًا بالمئات منذ إعلان إغلاق البلاد بتاريخ 9 مارس، ولاحظ الأطباء أن المرض كان أكثر شدة عند الرجال مقارنةً بالنساء، وعدد المرضى الذين دخلوا إلى المستشفيات كان أكبر عند الرجال مقارنة بالنساء، وأظهر أيضًا تقرير من قسم علم الوبائيات والصحة العامة أن عدد الرجال –خاصة الصغار في السن– الذين ماتوا بسبب المرض كان أكثر من عدد النساء.
لوحظ نفس المسار في الصين، البلد الذي بدأ فيه تفشي مرض كوفيد-19؛ إذ استعرضت المراكز الصينية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها 44,672 إصابة، ووجدت أن 2.8% من الرجال المصابين قد ماتوا، وعند النساء كانت النسبة 1.7% فقط.
تنطبق نفس الفكرة على الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 عامًا، إذ وجدت دراسة استعرضت 171 طفلًا ومراهقًا ممن عُولجوا من كوفيد-19 في مستشفى ووهان للأطفال أن الصبيان أكثر عرضة للإصابة من الفتيات؛ بنسبة بلغت نحو 61%.
أحد الأسباب البيولوجية المحتملة لهذا الأمر هو أن الرجال ليسوا جيدين كفايةً في تكوين استجابة مناعية مثل النساء، ما يعني أنهم سيعانون أكثر عند إصابتهم بالمرض مقارنةً بالنساء.
قالت الباحثة صبرا كلاين Sabra Klein، التي تدرس الاختلافات الجنسية في العدوى الفيروسية في كلية جونز هوبكنز بلومبرج للصحة العامة: «إن هذا ليس مفاجئًا، فقد رأينا هذا الاختلاف في نمط التأثر بالفيروسات في العديد من الأخماج الفيروسية التي تصيب الجهاز التنفسي؛ إذ يُظهر الرجال نتائج أسوأ، وحتى مع الفيروسات الأخرى كانت المناعة لدى النساء –في مواجهة هذه الفيروسات– أقوى وأفضل».
السبب الدقيق لهذا الاختلاف غير معروف، ولكن يُعتقد أن الهرمون الجنسي الإستروجين –الذي يوجد بكثرة لدى النساء– يلعب دورًا رئيسيًا في هذه المناعة عند النساء، ويوجد أيضًا العديد من الجينات المتعلقة بالمناعة والمُرمَّزة على الصبغي إكس X، إذ تملك النساء صبغيين اثنين بينما يوجد صبغي واحد فقط عند الرجال.
إضافةً إلى هذه الاستعدادات البيولوجية، يُعتقد أن لنمط الحياة دورًا مُتمّمًا؛ خاصة التدخين الذي يفاقم خطر حدوث أمراض الجهاز التنفسي. يوجد نحو 316 مليون مدخن بالغ في الصين وحدها، وهو أكبر عدد من المدخنين في العالم وفقًا لدراسة نُشرت على موقع NCBI، وتبلغ نسبة المدخنين من جميع الرجال في الصين نحو 52.1%، مقارنةً بالنساء اللاتي تبلغ النسبة عندهنّ نحو 2.7% فقط، الأمر الذي يدفع إلى إجراء المزيد من الاستقصاءات لمعرفة العلاقة بين نوع الجنس والتدخين بمرض كوفيد-19!
إحصائيًا، يحدث ارتفاع ضغط الدم عند الرجال أكثر من النساء، وهي آلية أخرى يمكن بواسطتها إثبات أن مرض كوفيد-19 مميتٌ أكثر عند الرجال. أوضحت أيضًا مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDCأن أمراض القلب والأوعية الدموية هي السبب الأساسي للوفاة عند الرجال.
وقد اكتشفت دراسة حديثة أن الأدوية التي تُستخدم لعلاج من أمراض القلب والأوعية الدموية –مثل الأدوية المثبطة للإنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين ACEIs، والأدوية الحاصرة لمستقبلات الأنجيوتنسين ARBs– تُسهّل من مهاجمة فيروس سارس-كوف-2 للرئتين، وقال الباحث جيمس دياز Dr James Diaz : «المرضى الذين يُعالَجون بأدوية ACEIs وARBs تتواجد في رئتيهم أعداد متزايدة من مستقبلات الإنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين 2، نتيجة لذلك، ستزداد فرصة ارتباط البروتينات S الموجودة في فيروس كورونا بهذه المستقبلات، ما يجعل إصابتهم بالفيروس أمرًا خطيرًا وله نتائج مَرَضِية شديدة».