هل كان هناك كهرباء وماكينات في عصور ما قبل التاريخ !
بالنظر إلى المعجزات الهندسية لحضارات العالم القديم بشكل عام والحضارة المصرية بشكل خاص، سيكون من العسير القبول أن كل ذلك تم فقط بالقوة البشرية.
كيف كان قدماء المصريين ينقشون في مقابر بعمق 50 متر تحت الأرض لا ترى ضوء الشمس، بل ويطلونها بألوان زاهية ما زالت آثارها موجودة حتى اليوم؟ سيكون من المستبعد حقا أن نعتبر أنهم كانوا يفعلون ذلك على ضوء المشاعل النارية ويخرجون رسوما بهذا الإنتاج المبهر؟
“أوعية سقارة” التي تملأ المتاحف ولا تلفت الأنظار إليها لكنها في الحقيقة تُعد أحد أعقد الألغاز الهندسية للحضارة المصرية. وعندما جاء العالم الإنجليزي فليندرس بيتري لدراسة الأثار المصرية 1881 ولاحظ هندسة تلك الأوعية .. افترض في كتابه احتمالية وجود مخارط آلية (لاحظ أن ذلك كان قبل 140 عاما من الآن). ورغم تجاهل نظريته تلك إلا أنه اُعيد إحياءها مرة أخرى على يد كريستوفر دان الذي تبنى نفس الفكرة وأسس فوقها مجموعة من النظريات غيرت من رؤيتنا للآثار المصرية.(2)
فريق “NOVA” بقيادة عالم المصريات الأمريكي المعروف مارك لينر حاولوا بناء هرم صغير، وإقامة مسلة صغيرة كنوع من الإثبات أن الحضارة المصرية قد بُنيت بأدوات بدائية مع عمالة كثيفة ماهرة، ورغم عدم نجاح معظم تلك التجارب إلا أنه من اللافت للنظر أنهم لم يقتربوا من محاولة نحت وعاء من حجر الديوريت مثل أوعية سقارة وإلا لصار المشهد عبثيا حقا.
لوحة معبد دندره، نقوش مقابر وادي الملوك، الثقوب المحفورة في منطقة أبوغراب الأثرية، أوعية سقارة، براهين على وجود تقنيات متقدمة لم نلاحظها أولم نكترث لوجودها. إن نظرتنا للقدماء بكثير من الاستهانة واللامعقولية نابعة من افتخارنا بإنجازاتنا العلمية المعاصرة والتي جعلتنا غير مستعدين لتقبل فكرة أفضلية القدماء عنا علميا.
لقد قدم لنا مجموعة من العلماء العباقرة اختراعات غيرت وجه الإنسانية، مايكل فاراداي قدم المحرك الكهربي، توماس إديسون قدم المصباح، وجالفاني قدم البطارية ورغم تلك الإنجازات إلا أنه من الممكن الآن أن نقول أنهم أعادوا تقديم اختراعات كانت موجودة فعلا من قبل. لكن ليس من السهل على معظمنا استيعاب تلك الفكرة التي أصبحت وثبة في التفكير المنطقي لم تتجرأ حضارتنا المدنية الحديثة على الإعتراف بها . إن العصر الذهبي للتكنولوجيا كان موجودا بالفعل قبل أكثر من 10آلاف سنة وسوف تجدون البرهان على ان تلك الحضارات الغابرة كانت ملمة بالتقنيات والعلوم الفائقة وكانت تستخدمها بطريقة أكثر فعالية منا اليوم.
إذا اعتبر المؤرخون أن “العجلة” قد دخلت مصر فقط عام 1500 ق.م، فسيكون من العسير إقناعهم بجسامة خطأ ما تعلمناه وأنه كان يوما في مصر كهرباء وماكينات متطورة في عصور ما قبل التاريخ!
بطارية بغداد
عام 1936 بالقرب من بغداد، عثر عمال مد خطوط السكك الحديد على قبر مغطى بألواح من الحجر يرجع إلى العصر الفارسي (240 قبل الميلاد تقريبا)، كان من بين ما عثروا عليه في تلك المقبرة أوعية فخارية. مثبت في إحداها اسطوانة نُحاسية في المنتصف تماما ووسط الأسطوانة النحاسية قضيب حديدي يعلوها صدأ شديد.
لم تكن لأحد فكرة عن ماهية هذا الشيء وظل مُهمل في المتحف العراقي حتى عام 1940. بعد تأمل طويل استنتج العالم الأثري الألماني “ولهلم كوينيج” المسؤول عن متحف الآثار العراقي في ذلك الوقت. استنتج أن ذلك في الحقيقة كان عبارة في عن بطارية كهربائية يكفي أن تضيف إليه محلولا حمضيا أو قلويا حتى يشرع في العمل.
بعد عودة العالم “كوينيج” إلى ألمانيا ربط بين ما عثر عليه في بغداد وبين العديد من الآثار العراقية الشبيهة في متحف برلين، قضبان حديدية، عوازل من القار، أسطوانات نحاسية، كلها يبدو التآكل والصدأ من تأثير المادة الحمضية، لكن أمكن تركيب عشر بطاريات، حيث كان يتم توصيل هذه البطاريات أو الأعمدة الكهربائية بعضها ببعض لمضاعفة قوة التيار الكهربائي الصادر عنه.
ساند “كوينيج” في اكتشافه عالم ألماني آخر، هو دكتور “آرن إيجبريشت” عالم آثار مصرية في “هلديسهايم” بألمانيا الغربية. ولفت نظره بطاريات بغداد وقام بعمل نسخ منها وإجراء تجارب عليها وبمجرد سكب سائل قلوي في الوعاء الفخاري تحرك مؤشر الفولتميتر الموصل بالبطارية مسجلا سريان تيار كهربائي مقداره نصف فولت. وقد أثارت تلك التجربة ذهنه جعلته يقفز بتفسير للآثار المذهبة التي تذخر بها متاحف العالم وغالبا ما أثارت حيرة العلماء. لا شك أن التماثيل المذهبة والكهرباء استخدمت في تغطية التماثيل بكسوة ذهبية عن طريق الترسيب، وهذا ما نراه تحديدا في تماثيل مصر القديمة حيث نجدها على درجة عالية من الدقة والنعومة تماثيل أوزوريس وحورس وأقنعة الملوك كتوت وهو ما ينفي فكرة أن تلك القطع قد طُليت بواسطة ضغط رقائق الذهب أو دقها.
ورغم التجارب التي قام بها “إيجبريشت” على طلاء التماثيل بنفس البطارية ونجاحها عمليا إلا أن هذا الكشف لم يحظ باهتمام واسع في الأوساط الأثرية، لماذا؟ لأن التيار العام استسخف الفكرة واعتبر أن الأمر لا يعدو كونه تفسيرا خاطئا لمجموعة من الأثار القديمة.
لكن ذلك الكشف على الأقل جعل نظرة العديدين تختلف للقدماء، منذرا أننا يجب إعادة تقييم ما اعتبرناه مسلمات وبديهيات. (3)
لوحة الكهرباء في دندره
بالنظر إلى المستوى الراقي الذي وصلت إليه الحضارة المصرية، فإنه لم يعد من المستبعد أن نرى ابتكارات تتماثل أحيانا مع ما نراه في حياتنا المعاصرة.
من تلك النقوش التي أثارت الانتباه والأسئلة هو نقش معبد دندره والذي يقع في القبو السفلي من المعبد.
معبد دندره يقع حاليا في محافظة قنا، ويحوي 24 عمودا ضخما برؤوس حتحورية، ومنسوب بناؤه لقياصرة روما من يوليوس حتى نيرون، رغم أن أول سؤال يتبادر للذهن، كيف أنشأ الرومان معبدا وأعمدة بهذه الروعة التي لا توجد في روما العاصمة نفسها؟!
هناك تضارب سافر فيما نقرأه من أن الرومان سرقوا المسلات والتماثيل من مصر ونصبوها في إيطاليا، ثم بنوا معابد مصرية لتقديس حتحور! كيف يتفق هذا مع ذاك؟ من المنطقي أن دندره يعود جذوره للمملكة القديمة التي تحدثنا عنها كثيرا في تلك المدونة.
في النقش الذي يقع في القبو السفلي لمعبد دندره ونراه مكررا أكثر من مرة، ينتصب رجلا كبير الحجم حاملا بيده شيئا غريبا كمثري الشكل وفي داخله أفعى طويلة ويوجد حول النقش إله الهواء وأشخاص آخرون، وترى المدرسة الأثرية أن النقش يتحدث حول الاحتفالات الدينية ووجود عمود (جد) فهو رمز الاستقرار والدوام لأنه يمثل العمود الفقري لأوزوريس.
بعيدا عن التفسير الرمزي للنقوش والرسوم، هناك مجموعة أخرى ما أن وقعت عينهم على النقش حتى قفز في ذهنهم فورا عناصر تكنولوجية لها علاقة بالكهرباء مثل أنبوب كروكس والمصباح الكهربائي والعوازل عالية الجهد. تحدث كثيرون عنها أبرزهم “براد ستيجر” في كتاب “عالم قبل عالمنا” (4)
أنبوب كروكس هو من ابتكار الإنجليزي سير “ويليام كروكس” وكان الهدف الرئيسي من ابتكاره هو دراسة الأشعة السالبة (الكاثود)، يتم إيصال أنبوب كروكس على مصدر طاقة عالي الفولت، فتخرج أشعة الكاثود والتي عُرفت فيما بعد بالـ (إليكترونات) وتسقط على الجسم المقابل وتخترقه راسمة ظله على آخر الأنبوب.
إذا نظرت إلى أنبوب كروكس فسترى شبه تطابقا مع نقش دندره، هذا النقش المكرر في القبو السفلي لمعبد دندره عدة مرات، لا أظن أن تكراره معناه التأكيد على رسوخ حكم الملك، لكن تكراره لها معنى علمي آخر لم يتم تفسيره حاليا.
لقد كان أنبوب كروكس سببا في تعرف العلماء على الشحنات السالبة وفهم تأثيرها على الأجسام، ومشاهدة آثر الإلكترونات بعد أن كانت نظريات على الورق فقط. (5)
استخدم علماء آخرون أنبوب كروكس في إجراء أبحاثهم منهم الألماني “فيليب لينارد” وحصل على نوبل في الفيزياء نتيجة أبحاثه حول الكاثود، كما استخدمه أيضا العالم المعروف “فلهلم رونتجن” والذي طور من أشعة الكاثود ووصل إلى أشعة اكس، التي استخدمها كل منا في يوم من الأيام لعمل أشعة على عظامه وجسده.
البعض الآخر رأى أن نقش دندره يُمثل مصباحا كهربائيا كاملا بتكنولوجيا مختلفة عما عهدناه، وقد قام Mystrey Park بسويسرا بعمل نموذج مماثل يشع بالإضاءة لمصباح دندره.
هناك رموز أُخرى مكررة تشابه أدوات الإضاءة الحديثة. منها على سبيل المثال عمود (جد) أو Djed Column والذي تجده في مئات النقوش على معابد ومقابر مصر القديمة فستجد تشابها كبيرا بينه وبين عوازل الجهد العالي الحديثة.
سيطعن البعض على تلك النظرة ويبرهن أن تفسير النقوش هو بدافع رؤية شخصية فقط لا غير بسبب الرغبة في البحث عن رموز التكنولوجيا. وسواء كان نقش دندره عبارة عن أنبوب كروكس أو نقش المصباح الكهربي فإن كلاهما له دلالة واحدة.
في السطور القادمة سنضع براهين على أنه كان هناك كهرباء وإنارة في مصر القديمة.
إنارة في مصر القديمة
لقد احتار الباحثون فترة طويلة من الزمن في حل معضلة النقوش والرسوم الموجودة في الأنفاق والمقابر المظلمة، كيف استطاع القدماء إنجاز أعمال هندسية غير تقليدية في السراديب والأنفاق والأقبية؟
سنأخذ فقط مثالين على ذلك من بين مئات الأمثلة.
مقبرة مرنبتاح في وادي الملوك. لكي تصل فيها للتابوت الجرانيتي فإنك تحتاج للهبوط بدرجات سلمية لأكثر من 50 مترا محفورة باتساع في صخور الجبل. ستقابلك نقوشا ملونة تُغطي السقف والجدران على مدى الـ 50 متر هبوطا إلى غرفة التابوت. غرفة التابوت نفسها تحوي نقوشا في الجدران والسقف تمثل الآلهة المصرية بألوان رائعة. المقبرة على اتساعها الشديد مظلمة تماما دون وجود إضاءة والتي تضعها وزارة الآثار بشكل مستمر، لن تستطيع أن ترى إصبع يدك فلا يصل نور الشمس لأكثر من 20 مترا إلى الداخل.
ما مصدر الإضاءة الذي استعمله قدماء المصريين في رسم تلك النقوش والأعمال الفنية؟
للوهلة الأولى سيجول بالذهن احتمال الشعلة النارية . لكن بالنظر إلى كثافة النقوش في المقبرة لدرجة أنها تغطي السقف والجدران بالكامل دون وجود نسب فراغ تقريبا، سيستدعي هذا معه إيقاد شعلات كبيرة ومرتفعة حتى يستطيع الرسام تمييز الألوان، تلك الشعلات الكبيرة كانت ستتسبب مشكلتين، المشكلة الأولى أن اسودادا سيحدث في السقف بسبب صعود العوادم وهو ما لا نراه على أسقف المقبرة الزاهية، ةقد دفع ذلك الأثريين إلى أن اقتراح أن القدماء استعملوا زيت الزيتون في تلك المشاعل لأنه لا يسبب عوادم سوداء.
المشكلة الثانية أن إيقاد شعلات كبيرة سيستدعي معه ثقل في مهمة الرسامين بسبب انعدام الاكسجين لأن المقبرة ليس لها إلى منفذ هواء واحد. علاوة أن المستوى الراقي للأعمال الفنية في تلك المقبرة وغيرها يضعف من فكرة أنها قامت بالفعل على الاستعانة بالنار كمصدر إنارة أساسي.
ضرب أحدهم مثلا بأن لوحات عصر النهضة وسقوف الكنائس كانت تُرسم من قبل الفنانين الإيطاليين أيضا دون وجود إنارة. نعم نتفق على ذلك لكنها هل كانت تُرسم في وضح النهار على ضوء الشمس أم في الظلام ؟. فكرة المشاعل النارية أو المرايا العاكسة لضوء الشمس أفكار ضعيفة لن تجعلك تُميز بين الألوان، ولن تُخرج مثل هذا الرسم الرائع بالتفاصيل الدقيقة الموجودة حتى اليوم، والحل الوحيد والمقبول هو وجود إنارة مستديمة.
هناك أعمال أُخرى داخل مقبرة مرنبتاح أبرزها التابوت الجرانيتي، والذي يبلغ وزنه 50 طنا تقريبا، يحتاج تحريكه إلى 250 رجلا قويا حيث يسحب الرجل 200 كجم على الأقل، حتى لو قاموا بزلقه فإنه سيتحتم في النهاية ضبطه بهذا العدد فكيف فعلوا ذلك إذا كان المصدر الأساسي للإنارة عبارة عن شعلات نارية التي ستلتهم الأكسجين وستؤدي بهذا العدد الكبير إلى الاختناق أو على الاقل صعوبة شديدة في التنفس ؟
إذا ما نظرت إلى مقبرة مرنبتاح فيمكنك تكرار المثال إلى مقابر وادي الملوك الـ 64. مقبرة توت عنخ أمون، سيني الأول، نفرتيتي، رمسيس الرابع والتاسع.. إلخ كلها على نفس الوتيرة من العمق الضارب في باطن الصخور والنقوش الفنية رائعة الجمال. بجانب مقابر وادي الملوك يمكنك أيضا تخيل كيف كان ذلك العمل إنجازا هندسيا بالنظر إلى مقابر الدولة بكاملها مثل مقابر وادي الملكات، مقابر النبلاء، مقابر بني حسن، الكاب، سقارة، دير المدينة وغيرها..لا ريب أن هناك تقنيات أخرى (بخلاف المشاعل) قد جعلت مصر القديمة متفردة عن باقي حضارات العالم وأوصلتهم لقمة الإبداع الحضاري والهندسي.
إضاءة في أنفاق السرابيوم
أنفاق السرابيوم بسقارة تحت الأرض ويوجد بها 26 صندوقا ضخما من الجرانيت المصقول مُتقن الصنع تزل كل منها 100 طن، ولقد فصلنا فيها في مقالة صناديق السرابيوم على المدونة.
أنفاق السرابيوم بطول 400 متر محفورة في قلب صخر هضبة سقارة وليست وسط الرمال والنفق تنزل له بسلم مدرج، أنفاق السرابيوم ليس لها إلا باب واحد يُعتبر هو المدخل والمخرج، والأنفاق محفورة باستقامة مدهشة ولا ريب أنهم استخدموا ماكينات حافرة للأنفاق ( Tunnel Boring Machines ). الرؤيا منعدمة بداخل الأنفاق حتى مع وجود الشمس، دون إضاءة المصابيح فلا شيء هنالك إلى الظلام الدامس، فهل حفروا كل تلك المسافة بذلك العُمق في وأخرجوا ردما بالأطنان على أضواء المشاعل النارية؟
من الغريب أنه لا يُوجد أي آثر لمواضع المشاعل على جدران النفق، كما أن أي مشاعل نارية في ذلك العمق مع الردم والأتربة سيكون عملا شاقا وخانقا. هل نستطيع أن نقول إن السرابيوم هو دليل في حد ذاته على أنه كان هناك كهرباء في مصر القديمة؟
نموذج الأنفاق والممرات موجود بكثرة داخل الأهرامات كذلك، وضيق الممرات يجعل من العسير افتراض وجود مشاعل بل وعلى العكس، الإتقان الهندسي الموجود في البهو الكبير على سبيل المثال يشير إلى وجود مصدر إنارة قوي ييسر على البنائين مهمتهم ويجعل جل تركيزهم فقط في البناء بعيدا عن حمل مشاعل النار ضعيفة الإضاءة.
في كل هرم يوجد بهو كبير وفي كل هرم يوجد ممرات ودهاليز، وكلها مظلمة لا أثر فيها لشعاع الشمس ومن المستحيل افتراض أن معماريو تلك الأهرامات كانوا يتحركون على ضوء المشاعل الخافت لإنجاز تلك الصروح.
أوعية تمثل لغزا!
لعلها لا تلفت نظرك إذا رأيتها في المتاحف لكنها في الحقيقة تُعد أحد أعقد الألغاز الهندسية للحضارة المصرية.
تعتبر هذه الأواني ظاهرة فريدة ومحيرة وتشكل تحديا صارخا للعلماء والأثريين الذين لم يجدوا تصورا لكيفية صناعتها حتى الآن، وهي بهذا تُعد دليلا قوية ونقطة في صالح التيار الحداثي الذي يؤمن بوجود حضارة مفقودة وتكنولوجيا متقدمة في مصر القديمة.
سنأخذ مثالا على إحداها فقط لنرى كمية التعقيدات المركبة لإنتاج واحد فقط من تلك الأوعية.
هذا الوعاء الذي في الصورة منحوت من حجر الديوريت، ومعنى ذلك أن نحتها مستحيل بأي من الأدوات المنسوبة لعصر الأسرات (الأزاميل والمطارق النحاسية والبرونزية) فهذا سيبدو مثل الذي يقطع لوحا من الخشب بمنشار من الورق، هذا بالضبط هو التوصيف دون أي مبالغة بناء على مقياس فريدريش موس. (7)
ثانيا أنها كاملة الاستدارة والسميترية وقمة في الاتزان، أي أنها هندسيا وصلت إلى حد الكمال المطلق. ومعنى ذلك أنها لا يمكن إنتاجها باليد البشرية وحدها.
ثالثا أنها مفرغة من الداخل رغم أن عنق الوعاء في كثير من تلك الأوعية أضيق من الوعاء نفسه، مما يعني أنه يستلزم إقحام أدوات خاصة في عملية إنتاجها. فكيف نُحتت تلك الأوعية؟
حتى يمكن فهم كيف نُحتت تلك الأوعية، فإن أول سؤال يجب أن نسأله هو إذا أردنا صناعة وعاء مماثل اليوم، فما الذي سنفعله؟
لعلك ستُصدم حين تعلم أنه بعد بحث عن هذا الموضوع ومرورا بآراء الخبراء والحرفيين واستنادا إلى أراء مؤلفات كريستوفر دان وجون أنتوني ويست وما لهم من اتصالات بالدوائر الصناعية في أمريكا أنه ما من وسيلة في يومنا هذا يُمكنها إخراج وعاء واحد من تلك الأوعية (8) والتي عثر عليها في الممرات التي تقع أسفل هرم زوسر المدرج بسقارة. المُحير أننا لا نتحدث عن وعاء أو اثنين. هناك ما يقرب من 40 ألف وعاء حجري من أشكال وأحجام مختلفة ومصنوعة من أقسى أنواع الصخور (الشست – الكوارتز – الديوريت – البازلت) وتقع على مقياس 7 في جدول موس عُثر عليها في سقارة وهي الآن موجودة في المتحف المصري ومتاحف عالمية وأخرى بالمخازن.
لكن على أي حال سنحاول معرفة كيف يتم إنتاج أوعية مشابهة في عصرنا الحالي من أحجار أكثر ليونة مثل الألبستر، والذي يعادل في صلادته 2 على مقياس فريدريش موس، أي أنه شديد الليونة ويمكن نحته بالنحاس مقارنة بالديوريت الذي يقع على مقياس 7 ويعتبر أقسى الأحجار على هذا الكوكب وأعلاها صلادة ولا يمكن نحته حتى ولا بالصلب، بل بالماس.
يتم ذلك في حياتنا المعاصرة على 3 خطوات بواسطة آلة المخرطة لخصناها في الصورة التالية.
يمكنك التعرف على كيفية صناعة آنية متعددة من الألبستر في هذا الفيديو، ومن قام بزيارة بازارات الأقصر فسيكون رأى تلك الصناعة رأي العين. وقد اتيحت لي من قبل فرصة نسبية خلال عدة مشروعات هندسية العمل على المخارط ومشاهدة كيف يتم التعامل مع القوالب المختلفة وقد كان أصحاب الورش يتهربون من التعامل في الخامات القاسية كالصلب لأنها تكلف الكثير من وقتهم، ولا أعلم ما هو شعور أحدهم إذا اضطر للتعامل مع الديوريت.
لم نقل إن الطريقة السابقة هي المستخدمة في تلك المنحوتات، لكن هذا هو الحد الأدنى المستخدم من التكنولوجيا لإنتاج مثل ذلك الوعاء، بل ونزيد أن ماكينات القدماء يجب أن تكون أكثر قوة وسرعة، والأدوات كذلك أكثر صلادة ودقة حتى تتمكن من نحت الديوريت.
أواني وأطباق، متعددة الأشكال والأحجام.. منسوبة إلى فترة زوسر 3400 قبل الميلاد، وقد افترض الآثاريون أن كلها تُنسب لنفس الحقبة لأنهم عثروا عليها كلها اسفل هرم زوسر، فنسبوها كلها له.
تزداد صعوبة التفريغ كلما استطال وضاق عنق الوعاء. لو نظرت في الصورة بالأعلى سترى نماذج في أقصى اليمين لأوعية نحيلة العنق كبيرة الجسم، مما يجعل تفريغها غير ممكن. أي أنه حتى ومع فرضية استخدام الآلات فإن إنتاج مثل تلك الآثار ما زال بمقاييسنا الحالية ضربا من المستحيل.
إذا افترضنا أن سرعة المخارط المستخدمة مقاربة لعصرنا الحالي، أي ما يقرب من 1500 لفة في الدقيقة، فإننا نحتاج لاستخدام شفرات ماسية لقطع الديوريت. الحفر بواسطة الماس في مدنيتنا الحديثة لم يدخل إلا في القرن التاسع عشر! ليس ذلك فحسب بل لإخراج هذا الإنتاج الغزير فإنك ستحتاج آلات بأقل حد من التدخل البشري، ولن استبعد إذا انعدم التدخل البشري في إنتاج 40 آلف وعاء حجري عثر عليهم في نفس المنطقة.
عام 1881 جاء العالم الإنجليزي فليندرس بيتري لدراسة الأثار المصرية ويعتبر من مؤسسي المدرسة الإنجليزية في الآثار، وقد لاحظ بتري هندسة تلك الأواني مما جعله يُنحي فورا احتمالية صناعتها باليد البشري وحدها. لاحظ أن ذلك كان قبل 140 عاما من الآن، أي أن الطفرة الصناعية كانت في مهدها ومع ذلك كان بتري أول من افترض اعتماد قدماء المصريين على آلات في ذلك العمل. وقد ذكر ذلك في كتاب “الأهرامات والمعابد في الجيزة” فيقول : يبدو لي أن المخارط الميكانيكية كانت معتادة في الأسرة الرابعة تماما مثلما هي الآن في الورش الحديثة. (9)
(نسب بتري تلك الأوعية إلى الأسرة الرابعة بسبب العثور عليها أسفل هرم زوسر أشهر ملوك الأسرة الرابعة).
وهو ما يجعلنا نعتقد أن استبعاد فكرة الآلات من قبل التيار الأثري الرسمي هو نوع من أنواع الالتصاق بالمراجع الرسمية والآباء بغض النظر عن ضعف منطقيته، فأقل نظرة من أي فني لتلك الروائع سيجعل من البديهي ترجيح فكرة الآلات الميكانيكية.
لا يتوقف الأمر عند الطاقة الكهربية فقط، أو وجود المحركات والآلات. بل إن إدراك مدة غزارة إنتاج أوعية سقارة يدفعنا للخطوة التالية وهو تصور وجود شيء شبيه بالكمبيوتر للتحكم في تلك العملية. ولن يتعدى الدور البشري في عملية مسح أو تلميع الأوعية وإزالة آثار كشط الآلات عليها كما يحدث تماما في عصرنا الحديث.
وإن كان لك الأمر بعيدا غير منطقيا لأننا لا نرى تلك الآلات التي اندثرت عبر العصور فإننا لا نطلب أكثر من مقارنتها بعمليات لإنتاج أبسط الأشياء في عصرنا الحالي مثل مصنع لإنتاج الورق أو حتى عيدان الكبريت ! والذي – لا شك – سيستخدم آلات وكمبيوتر من أجل ضمان غزارة الإنتاج وجودته.
يقول الباحث الأمريكي جون أنتونى ويست وهو من أكبر المنادين بوجود حضارة مفقودة في مصر : أن اكتشاف هذه الأواني الحجرية التي يعود بعضها الى عصور ما قبل الأسرات يشكل تحديا كبيرا للعلماء، حيث لا توجد آثار لاستخدام أدوات حفر (المطرقة والازميل) على أحجار تلك الأواني. فالسطح أملس تماما وكأنه نحت باستخدام أشعة ليزر وأشكال الآنية مثالية من حيث اكتمال استدارتها وحجم فتحة الاناء الضيقة. (10) وهي أحد الأدلة على امتلاك الحضارات القديمة تكنولوجيا متطورة، وما نحتاجه هو أن نبحث في هذه الاتجاه لاكتشاف التاريخ الحقيقي للإنسانية. (11)
إن ما سبق يتعدى تقنية عصر الأسرات إلى تقنيات مندثرة يتكتمها التاريخ.
آثار الحفارات
من العلامات التي تظهر وتثير التعجب في الآثار علامات حفر وثقوب في ألواح الجرانيت، أو ما تعرف بالـ Drill holes.
وهي موجودة في أماكن عديدة مثل الجيزة، الكرنك، أبو صير، أبو غراب. جزيرة فيلة وأماكن أخرى.
تلك الثقوب مستديرة تماما على الشكل الهندسي الكامل للدائرة قطرها من 22 سم وحتى أقل من 5 سم، (12) كذلك فهي شديدة العمق في الحجر يصل بعضها لأكثر من 100 سم، وأخيرا فإنها مثل باقي الأعمال الهندسية المثيرة للدهشة في مصر موجودة في الأحجار الجرانيتية الصلدة التي تحدثنا عنها من قبل.
كيف صُنعت تلك الثقوب ؟
حاول فريق نوفا استنباط الطريقة من خلال مجموعة من الرسوم في مقبرة سنيفر، وفي يظهر أحد قدماء المصريين يثقب خشبة بواسطة عمود خشب في أسفله قطعة من النحاس يدور بواسطة وقوس.
كلما تحرك القوس، لف عمود بقطعة النحاس فقامت بثقب الخشب.
وفريق نوفا هو فريق يقوم بمحاولة عمل تكرار للتجارب الهندسية لصروح الحضارات القديمة وإثباتها، مثل محاولة إقامة مسلة أو بناء هرم صغير. ويستخدم دائما الأدوات البدائية مثل الحبال والأخشاب ومطارق وأزاميل النحاس من أجل إثبات فكرته.
حاول القيام بتلك التجربة أعضاء الفريق الابرز، مارك لينر عالم المصريات الأمريكي المعروف، دينيس ستوكس يُقدم نفسه على أنه تقني متخصص في المعمار المصري ويحاول التفكير للعثور على حلول للمعضلات الهندسية المصرية من وجهة النظر الرسمية، وكذلك روجرز هوبكنز وله خبرة طويلة في التعامل مع الأحجار وعمل النصب التذكارية الجرانيتية من خلال شركته الخاصة، وقد استعانت به نوفا في بعض المشاريع في مصر من أجل خبرته في ذلك المجال. (13)
حاولوا تطبيق نفس النقش في مقبرة سنيفر بواسطة عصا خشبية مستقيمة غليظة وحبال وماسورة نحاسية قصيرة في مقدمة الخشبة.
بعد عدة أيام كان هناك ثقبا بعمق 6 سم تقريبا وقطر دائرة 4 سم، وقد اعتبر فريق نوفا أن ذلك برهان على أن المصريين استخدموا نفس الطريقة في ثقب الجرانيت.
بالطبع تقبل التيار الرسمي تجربة نوفا واعتبروها نقطة تأكيدا إضافيا أن الحضارة المصرية اعتمدت على التقنيات البدائية في البناء لكن التيار الحداثي لم يقبل نتائج التجربة لثلاثة أسباب.
الأول أنه حسب تجربة نوفا في قطع الجرانيت فإنهم كانوا يتحركون بواقع 4 مم في الساعة، وهو معدل شديد الضآلة إذا ما نظرنا إلى قدر استخدام الجرانيت كمادة أساسية في معمار الحضارة المصرية، أي أن تلك الوسائل كانت ستستهلك وقتا طويلا للغاية لا يتناسب مع ما نراه من صروح كثيرة في كل مكان.
ثانيا أن هناك ثقوب يستحيل معها تلك الطريقة، مثل الموجودة في محجر أسوان وهي كبيرة يصل قطرها لنصف متر وشديدة العمق وفي أماكن وعرة، لا يمكن عملها بتلك الطريقة، ومن اللطيف أن روجر هوبكنز أحد أعضاء فريق “نوفا” وتظهر صورته بالأعلى أرسل رسالة إلي كريستوفر دان بعد تجربته في مصر يخبره فيها أن ينظر بإعجاب إلى نظرية الآلات التي يتبناها، ويرى أنها الأقرب للمنطق ويدعوه لعمل مادة فيلمية معه عن هذا الموضوع، وذلك بعدما ذاق روجر الأمرين في ثقب الجرانيت بالوسائل اليدوية ويقول له أن المصريين القدماء لا ريب كانوا مجانين وكانوا يملكون فنونا صناعية لا نملكها في الفيديو وذلك بسبب صعوبة العمل وقسوته (14)، وكما نقول : شهد شاهد من أهلها.
ثالثا أن الخطوط الناتجة عن الحفر بالعصا والنحاس تختلف عن الموجودة الخطوط التي تظهر في وسط الآثار المصرية كالصورة على اليمين. ولم يتسن لي الحصول على صورة لما قام به فريق نوفا لكن من السهل كذلك معرفة الفرق.
إذا نظرت إلى الصورة فستجد الخطوط الناتجة عن الحفر متوازية ويتضح المسافة بينهما، ومعرفة تلك المسافة ستحدد الأداة التي استعملها قدماء المصريين في الحفر وإذا ما كانت يدوية أو شيء آخر.
قام كريس دان بعمل دراسة على أعمدة الجرانيت الناتجة عن الحفر، وهي موجودة حتى اليوم بمتحف بيتري بلندن. حيث سبق وقام بتري في أواخر القرن الـ 19 بجلبها من مصر لإنجلترا من أجل دراستها. الخطوط كما يتضح متوازية في شكل حلزوني وقد وجد كريستوفر دان أن المسافة بين الخطين 2.5 ملليمتر، مما يعني أن طريقة نوفا ليست هي الطريقة التي استخدمها قدماء المصريين لأنه المسافة بين الخطوط ستكون في أفضل الأحوال أقل من 0.1 ملليمتر نتيجة لبطء الحفر اليدوي.
معدل القطع قدره 2.5 مم في الدورة الواحدة. وهذا يعني أن معدل القطع أسرع بـ 500 مرة من المعدل الحالي للماكينات التي تعمل بحفارات من الماس، وتخترق في الدورة الواحدة 0.005 مم.
هذا يخلص بنا إلى نتيجة أن ماكينات قدماء المصريين كانت أقوى في القطع (ولا يُشترط أسرع) بـ 500 مرة من الماكينات الحديثة. (15)
إذا أردنا أن نعرف كيف كان المصريون يقومون بعمل ما مثل نحت المسلات، التماثيل، أو أعمال الحفر في الجرانيت، فكما ذكرنا من قبل أن أول سؤال نحتاج للإجابة عليه هو ما الذي سنفعله إذا أردنا القيام بهذا الآن ؟
بالتأكيد لن تذهب عقولنا إلى استخدام الخشب والحبال والنحاس، بل سنعمد فورا إلى ماكينات عملية حديثة خاصة إذا كان التعامل مع صخور كريستالية أو جرانيتية.
ومن البديهي كذلك أن معدات العصور القديمة كانت تعمل أيضا بطريقة مشابهة مثل أيامنا الحالية، فالأسطوانة تدور بسرعة عالية لاختراق الجرانيت يصاحبها ضخ للمياه من أجل التبريد.
مما يصدم العقل أيضا أن بعض الأعمدة الناتج عن الحفر ليست اسطوانية تماما، بل إن أعلاها أضيق من أسفل، كما لو كان مخروطيا. وإذا نظرنا إلى معدات العصر الذي نعيشه فإن التقية الوحيدة التي يُمكنها فعل ذلك الشكل المخروطي هي حفارات تعمل بالموجات فوق الصوتية. وهي تكنولوجيا ظهرت فقط في آخر 30 عاما، لكن دان اعتبر أنها التفسير الوحيد لخروج عمود الجرانيت بالشكل المخروطي كما في الصورة. (16)
من المدهش أن تلك الثقوب المحفورة في الجرانيت موجودة كذلك بنفس الطريقة في حضارة المايا، بنفس الخطوط والعمق والشكل الدائري الكامل، ولا أُخفي أن مشاهدة التماثل في الحضارات يُشعرني بالغيظ مما تعلمناه طيلة الأعوام من التاريخ الرسمي الذي صور لنا الحضارات القديمة وكأنها كيانات منفصلة لا اتصال بينها رغم أن ما نراه واقعيا هو العكس تماما.
سيكون التساؤل عن تلك الآلات التي اختفت .. وقد اختفت كما اختفت أدوات معدنية بالآلاف طمرها الدهر وعوامل التعرية بسبب ظروف مناخية قاسية متنوعة مثل الزحف الجليدي ثم العصر المطيري .. ثم التصحر، فلا شك أنها ستصدأ وتتآكل وتتلاشى عبر العصور. إلا إذا كانت هناك آلات أو معدات موجودة في المقابر أو مخازن تحت الأرض، فهي لا ريب موجودة حتى الآن، لكننا لم نعثر عليها بعد، أو عثر عليها ودُمر.. أو عُثر عليها ولم نعلم أنها آلة !
فأين العجلات الحربية التي تجربها الخيول التي من المفترض أن تكون بالآلاف للإستخدامات العسكرية ؟ .. لماذا تقبلنا اختفاءها ولم نتقبل اختفاء الآلات ؟
لا نتوقع أن نرى الآلات بالتأكيد، وأقصى ما نتمناه رؤية ولو أجزاء من تلك الآلات.
في المتحف المصري هناك شيء غامض، يعتقد البعض أنه جزء من آلة.
تقول لوحة إرشاد المتحف المصري أن هذا إناء من حجر الشست مركبا في عمود وربما كان إصيصا للزهور وقد عثر عليه في مقابر سقارة ولا يبدو لي أن هذا إناء، بل وأتبنى أكثر رأي براين فورستر أن هذا جزء من آلة ما، إنه صلب ومتوازن تبدو كما لو كانت للقطع أو للخراطة، وهناك كذلك مجموعة من التروس الحديدة السميكة، ورغم قلة تلك الأدلة فإن هذه القطع ربما تُعد دليلا آخر على إحتمال وجود آلات أو ماكينات ترجع للملكة القديمة، وبوسطة تلك الآلات وغيرها تم إنشاء آثار حضارية مذهلة.
حضارة علمية أم حضارة تذكارية ؟!
ما عرضناه لا يكفي ولا يوفي ما قدمه القدماء من إعجاز.
ما زالت هناك أدلة أثرية عديدة بلا حصر على مناشير دائرية آلية ، أو أوناش عملاقة، أو معدات نقل وغيرها.
ومن المشجع أنه على مدار الـ 30 عاما الماضية اتخذت كتابة التاريخ منحنى جديدا وذلك بسبب قوة الإنترنت، وأصبح من السهل سماع وفهم النظريات دون إنتظار خروجها من المصدر الرسمي.