هل من الضروري أن أرتدي كمامة عند الخروج من المنزل؟
هل يجب على جميع المجتمع أن يرتدوا كمامات في ظل انتشار جائحة فيروس كورونا؟ إنه سؤال مثير للجدل، مع اختلاف النصائح المقدمة من قبل الدول والمنظمات المختلفة. راجعنا نتائج أكثر من 12 تجربة عشوائية على الكمامات وطرق انتقال الأمراض التنفسية، ووجدنا أن أفضل دليل حالي يقترح أن ارتداء الكمامة لتجنب الأمراض التنفسية الفيروسية مثل كوفيد-19 سيؤمن حمايةً قليلةً، هذا إذا أمن أي حماية على الإطلاق.
نصائح متضاربة
تختلف اثنتان من أكبر المنظمات الصحية في العالم على وجوب ارتداء الكمامة ، فتنصح منظمة الصحة العالمية حاليًا بعدم ارتداء الكمامات:
«لا يوجد أي دليل حاليًا على أن ارتداء الأشخاص السليمين في المجتمعات للكمامات -سواء أكانت طبية أم لا- يؤمن الوقاية من الإصابة بالفيروسات التنفسية ومن ضمنها فيروس كورونا المستجد».
توصي منظمة الصحة العالمية العاملين بالرعاية الصحية والذين يتعاملون مع أشخاص مصابين بكوفيد-19 أو مشتبه بإصابتهم به، بارتداء كمامات خاصة (N-95 أو ما يشبهها) بالإضافة لأدوات الحماية الأخرى.
على النقيض من ذلك ينصح مركز السيطرة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة الأمريكية بارتداء كمامة قماشية، لكن ذلك يهدف لمنع الأشخاص المصابين من نشر العدوى وليس لحماية الشخص الذي يرتدي الكمامة من التقاط العدوى.
من منهما على حق؟ وهل يحمي ارتداء كمامة الشخص الذي يرتديها؟ وهل تحمي الآخرين من العدوى؟
فهم انتشار المرض
للإجابة عن هذه الأسئلة علينا أولًا أن نفهم طريقة انتشار فيروس كورونا المستجد وكيف يمكن للكمامات أن تمنع هذا الانتشار.
هنالك عدة طرق لانتقال الفيروس. أول طريقة هي سعال الشخص المصاب أو عطاسه أو تنفسه بقرب شخص آخر -أقل من مترين- ليصل الفيروس إلى عين هذا الشخص أو أنفه أو فمه.
الطريقة الأخرى هي سعال الشخص المصاب أو عطاسه على يده أو على سطح ما، ثم مصافحة شخص آخر له، أو لمس ما لوّثه المصاب من أسطح ثم نقل الفيروس لعينيه أو لأنفه أو لفمه.
والطريقة الثالثة ما تزال محط جدل في كونها طريقة مهمة لانتقال الفيروس وهي عن طريق الرذاذ المنتشر، فعندما يعطس أو يسعل المصاب قد يؤدي لانتشار رذاذ متطاير ينتشر أبعد من مسافة التلامس القريبة مع شخص آخر.
لا نعلم كم شخصًا يصاب من خلال كل طريقة انتقال سابقة لكوفيد-19، كما لا نعلم مقدار الحماية التي توفرها الكمامات في كلٍ من الحالات السابقة.
النصيحة الأفضل حاليًا
للإجابة على هذه الأسئلة راجعنا نتائج 14 تجربة عشوائية عن ارتداء الكمامات والعدوى بأمراض مشابهة للإنفلونزا، إذ لا توجد أي تجارب عشوائية على كوفيد-19 نفسه، لذلك حاولنا دراسة أمراض مشابهة له.
عندما جمعنا نتائج التجارب التي درست تأثير ارتداء الكمامات مع التجارب التي درست نتائج عدم ارتداء كمامات بين موظفي قطاع الرعاية الصحية وعامة الشعب، لم نجد أي تأثير مهم للكمامات في خفض نسبة الإصابة بالأمراض المشابهة للإنفلونزا. على كل حال، كانت التجارب محدودة جدًا ولا تكفي لنفي التأثيرات الصغيرة لارتداء الكمامات.
لماذا لا تحمي الكمامات الشخص الذي يرتديها؟
توجد عدة تفسيرات محتملة، منها أن الكمامات لا توفر الحماية الكافية دون حماية العينين أيضًا، فنحن نعلم من الحيوانات والتجارب المخبرية أن الإنفلونزا والفيروسات التاجية الأخرى يمكن أن تدخل إلى العين ثم تنتقل إلى الأنف والجهاز التنفسي.
وبينما لا تقدم الكمامات العادية والخاصة حماية كاملة يبدو أن الكمامات الخاصة والتي تستخدم مع النظارات الواقية تؤمن حماية كاملة في التجارب المخبرية. وعلى الرغم من ذلك فلا يوجد دراسات تبيّن نتائج استخدام الكمامة مع النظارات الخاصة.
من التفسيرات الأخرى أن الأشخاص لا يستخدمون الكمامات بالطريقة الصحيحة. فعلى سبيل المثال وجدت دراسة أن نصف المشاركين فقط يرتدون الكمامة معظم الوقت. ويمكن أيضًا أن يرتدي الأشخاص الكمامة بطريقة خاطئة أو أن يلمسوا منطقة ملوثة بالفيروس من الكمامة وبالتالي ينقلونه إلى أيديهم ثم إلى أعينهم مثلًا ليصل إلى الأنف والجهاز التنفسي.
وقد تقدم الكمامات إحساسًا مزيفًا بالأمان، ما يعن
ي أن الأشخاص الذين يرتدون الكمامة سيخاطرون أكثر، مثل ذهابهم إلى الأماكن المزدحمة أكثر.
هل تؤمّن الكمامات الحماية للآخرين؟
هل تحمي الكمامات من انتقال الفيروس من الشخص المصاب إلى الآخرين؟
وجدت دراسة مخبرية حديثة في هونغ كونغ بعض الأدلة على قدرة الكمامات في منع انتشار الفيروس من الشخص الذي يرتديها.
إذ جمعوا عددًا من الأشخاص الذين يعانون من أعراض مشابهة للإنفلونزا وأعطوا نصفهم كمامات وبقي النصف الآخر بلا كمامات، ثم جمعوا الفيروسات لمدة 30 دقيقة من الهواء الذي تنفس وسعل فيه المشاركون. خفضت الكمامات كمية القطيرات والرذاذ اللذين يحتويان على كمية قابلة للقياس من الفيروسات.
لكن 17 شخصًا فقط من أصل 111 مشاركًا في الدراسة كانوا يعانون من الإصابة بالفيروسات التاجية وهذه الفيروسات لم تكن فيروس كورونا المستجد ومع أن الدراسة واعدة فيجب تكرارها بأسرع وقت.
إضافة إلى أننا لا نعلم إن كان هذا الانخفاض في القطيرات والرذاذ يترجم إلى انخفاض في العدوى -انخفاض في عدد الأشخاص الذين سينتقل إليهم الفيروس- في الحياة الواقعية. وإذا كان هناك تأثير إيجابي لارتداء الأشخاص المصابين للكمامات فإنه سينخفض بسبب المرضى والأشخاص الحاملين للفيروس الذين لا تظهر عليهم الأعراض.
هل يجب ارتداء الكمامة على بعض الأشخاص فقط؟
إذا كان ارتداء الكمامة يخفض من انتشار العدوى للآخرين فما الذي يجب أن نفعله؟
يمكننا أن نطلب من جميع الأشخاص الذين يعانون من أمراض تنفسية ارتداء كمامة عند خروجهم للمناطق العامة، هذا من شأنه أن يساهم مع استراتيجيات أخرى، كالتباعد الاجتماعي وفحص الأشخاص وتعقب الحالات المصابة ومن خالطهم، في خفض نسبة انتقال الفيروس. ولضم الأشخاص الحاملين للفيروس دون ظهور أعراض لديهم، يمكن أن نطلب من الجميع ارتداء كمامات في الأماكن المغلقة.
أما في الأماكن المفتوحة فالأمر أصعب فالأشخاص لا يشكلون خطرًا كبيرًا، لكن من الممكن طلب ارتداء الكمامات في بعض الأماكن المزدحمة كالحفلات والأحداث الرياضية.
وهنالك احتمالية أخرى وهي استخدام قاعدة 2×2: إذا كنت في الخارج وبالقرب من شخص ما لمسافة أقل من مترين ولمدة أكثر من دقيقتين فعليك ارتداء كمامة.
يحتاج الفرد ارتداء الكمامات بحمل الجد على المحتمل إصابتهم بالمرض، لمنع انتشار العدوى، إلى دراسة سريعة إذ امكن أن يكون مكمّلًا للتباعد الاجتماعي والنظافة الشخصية وخاصة اليدين وإجراء الاختبارات والحجر الصحي لمدة من الزمن.