رغم أن التحليلات الطبية أثبتت أنه مصابٌ بفيروس كورونا وزوجته، إلا أنه ما زال مصراً كطائفته الحريدية على مواصلة حياته الطبيعية وكأنه غير مصابٍ وغير معدي، فمضى في تسيير أعماله ومتابعة مهامه، والتنقل في وزارته وبين مكاتبه، غير آبهٍ بالتحذيرات، أو مهتمٍ بالمخاطر التي بات يحملها ويوزعها كيف يشاء على غيره من مسؤولي الكيان ومستوطنيه، رغم أنه المعني الأول بسلامة مستوطنيه وصحتهم، والعمل على راحتهم ومنع انتقال الفيروس إليهم، ذاك هو وزير الصحة الإسرائيلي الحاخام يعقوب ليتسمان، الذي يصر رئيس الحكومة المكلف بنيامين نتنياهو أن يحتفظ به إلى جانبه وزيراً للصحة في حكومته الجديدة، رغم اعتراض شريكه الجديد بيني غانتس عليه، مما دعا نتنياهو إلى تقديم تنازلاتٍ أخرى مقابل الاحتفاظ به وزيراً للصحة، وبحزب يهوديت هتوراة الذي ساهم في بنائه وإعلاء أسواره شريكاً في الائتلاف.
انتشر خبر إصابة ليتسمان وزوجته بفيروس كورونا، وأعلن النبأ للعلن، ودخل وزوجته في حجرٍ منزليٍ قسريٍ، إلا أن أخطاره لم تتوقف بحجره نفسه، وعدواه لم تنتهي باحتجابه عن المسؤولين ومباشرته عمله من منزله، وتوقفه عن الاحتكاك والاختلاط بالآخرين، بل إن دخوله الحجر الصحي أطلق موجةً كبيرةً من الاشتباهات القلقة، والهواجس النفسية المتعبة، وأخذ كل من التقاه وصافحه، أو جلس معه وقابله، يظن أن العدوى قد انتقلت إليه، وأنه أصبح مصاباً، وأخذ المسؤولون الإسرائيليون يتحسسون رؤوسهم، وسكن القلق قلوبهم، وغدا كل واحدٍ منهم يشك في نفسه، فهو قد التقى الوزراء جميعاً في مجلسهم، وقابل رئيس الحكومة مراراً واقترب منه هامساً، واجتمع بالأطباء ومسؤولي الصحة العامة وكبار موظفي وزارته وغيرهم، وهو الأمر الذي جعل دائرة الاشتباه بالمرض تتسع وتكبر.
بات اسم يعقوب ليتسمان لعنةً تلاحق المسؤولين الإسرائيليين، الذين ما فتأوا يلعنون أنفسهم إذ التقوه، ويعضون أصابعهم ندماً إذ اقتربوا منه وصافحوه، فقد أصبح في نظرهم مصدر الوباء وأحد مصادر انتشاره وانتقال عدواه إلى الطبقة السياسية الحاكمة، والنخبة العسكرية والحزبية الإسرائيلية عامةً، مما دفع بعضهم إلى رفع الصوت عالياً والدعاء عليه بالموت والفناء، وأن يأخذه الله ويرتاحوا منه، فهو فضلاً عن كونه عقبة سياسية أمام الائتلاف الجديد، فهو وزيرٌ مستهتر، يقدم المفاهيم الدينية على المصالح السياسية، ويقدس النصوص التوراتية ولو كان فيها هلاك شعبه ومقتل أهله، ويريد للتعاليم الدينية اليهودية أن تسود في المجتمع كله رغماً عن أنفه.
يصفه العلمانييون بغضبٍ شديدٍ، أنه أصوليٌ منبوذ ورجعي مكروه، فليعد إلى الكنيس والمدارس الدينية، وليترك تسيير حياة الشعب لأصحاب الخبرة والكفاءة، وفضلاً عن أنه غير طبيبٍ ولا مختص بالصحة العامة، فقد دعا إلى استثناء الكُنس والمناسبات الدينية من الحظر، والإكثار من الصلاة وسؤال الرب بتعجيل نزول المسيح المخلص لينقذ شعب الله المختار من الوباء، وهو ما دعا النخبة العلمانية الإسرائيلية إلى اتهامه بأنه ساهم في انتشار الوباء لا في حصاره واحتوائه، وأنه لا يصلح أبداً أن يكون سياسياً فضلاً عن أن يكون وزيراً للصحة.
أما الذين جندلهم ليتسمان وأوقعهم معه في شباك كورونا، فهم يزدادون كل يومٍ عدداً، ويتنوعون اختصاصاتٍ ومجالاتٍ، وينتشرون في مختلف المدن والمناطق، إذ لم تقتصر عدواه على رئيس حكومته بنيامين نتنياهو الذي أسرع إلى عزل نفسه للمرة الثانية، بعد أن تأكد له أنه التقى ليتسمان بينما كان مصاباً مراتٍ كثيرةٍ، وربما يكون هو من نقل العدوى إلى مستشارته للشؤون البرلمانية، بعد أن اتهمها بأنها هي التي نقلت العدوى إليه، الأمر الذي يعني أن موظفي ديوانه وأعضاء فريقه بالكامل، باتوا جميعاً في إطار الشبهة بالإصابة، مما حدا بالأجهزة الأمنية إلى إجراء تحقيقاتٍ واسعة لمعرفة جميع من التقى بليتسمان أو اقترب منه وتعامل معه.
لم تتوقف دائرة الاشتباه بالعدوى في الذين التقاهم ليتسمان واجتمع معهم، كمدير عام وزارته موشيه بار سمانطوف، الذي تعهد بتعميم العدوى ونشر الفيروس في أوساط وزارة الصحة، بل انتقلت منه إلى الجيش وقيادة أركانه، وإلى جنوده وثكناته، وما زالت دائرة العدوى العسكرية تتسع وتكبر، وليس من المستبعد أن تتوقف اجتماعات قيادة الأركان وكبار الهيئات العسكرية، بعد أن بدأت أخبار الإصابة في صفوف الجيش تتزايد، التي امتدت لتشمل رئيس هيئة أركان جيش الكيان الجنرال أفيف كوخافي، ومعه قائدي شعبة المعلومات والجبهة الداخلية وغيرهم من كبار الضباط الذين أصابتهم لعنة ليتسمان الموبوءة.
وكانت من قبل قد انتقلت العدوى إلى رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين، وهو الذي ترأس لجنة السرقة وفريق السطو على المعدات الطبية الضرورية واللازمة لمواجهة فيروس كورونا، ونجح عبر شركائه في الجريمة والعالم السفلي في توفير عدة آلافٍ من المعدات التي قالت عنها وزارة الصحة أنها غير مناسبة، ولا تتطابق مع الشروط المطلوبة، مما اضطره بعد إعلان خبر إصابة ليتسمان إلى عزل نفسه والانكفاء عن العمل، في الوقت الذي تزداد احتمالات نقله العدوى إلى الفريق المرافق له واللصيق به، حيث أعلن عن إصابة شريكته في جريمة السطو والسرقة البروفيسور سيجال صدتسكي رئيسة خدمة صحة الجمهور.
لايتوقف عداد المشتبه بهم من لعنة الإصابة بمرض كورونا عن طريق وزير الصحة، فقد لحق بهم رئيس مجلس الأمن القومي مائير بن شبات، وكبار مسؤولي وزارة الصحة، وغالبية أعضاء الكنيست الذين شارك معهم في جلسة انتخاب بيني غانتس رئيساً جديداً للكنيست الإسرائيلي، وما زالت الأسماء تتوالى تباعاً والحالة تزداد قلقاً، فعما قريب ستتعطل كل مرافق الكيان العسكرية والأمنية والسياسية، ومن قبل الاقتصادية والتعليمية والسياحية والفنية وغيرها، الأمر الذي يعني أن الكيان الصهيوني ينحدر نحو المجهول، ويسقط في قعر الهاوية، وسيكون في عين العاصفة وعلى بداية سكة الزوال والنهاية، إذا زاد عدد الموتى وتضاعفت أعداد المصابين، ونضبت عيون المهاجرين وقلَّ عدد المستوطنين.