نشأت فكرة إقامة هذا المتحف اليوناني الروماني بمدينة الإسكندرية عام 1891م في أواخر عهد الخديوى توفيق وتم الإنتهاء من تشييده عام 1895م في عهد الخديوى عباس حلمي الثاني وقد قام بتصميمه المهندس المعمارى ديتريش ويستيون علي طراز المباني الإغريقية السائد والمنتشر في الإسكندرية في ذلك الوقت فجاء بنائه متوافقا مع إسمه ومع غالبية معروضاته وهو يقع في شارع فؤاد في وسط مدينة الإسكندرية وقد قام الخديوى عباس حلمي بإفتتاحه وقام بقص شريط الإفتتاح بنفسه حينذاك وكان عدد قاعاته في ذلك الوقت 11 قاعة زادت فيما بعد نتيجة النشاط الأثرى وتوالي وتزايد الإكتشافات الأثرية من 11 قاعة إلى 16 قاعة في عام 1899م ثم زادت مرة أخرى حتي تعدت حاليا العشرين قاعة كما يضم المتحف مقبرتين هامتين أولهما من العصر البطلمي وثانيهما ترجع إلى العصر الروماني تم العثور عليهما بمنطقة سوق حي الورديان بغرب الإسكندرية وقد تم قطعهما ونقلهما إلى الحديقة القبلية بالمتحف وفي البداية وبعد إفتتاح هذا المتحف تم تكليف جيسيب بوتي الإيطالي الجنسية بإدارته فقام بتزويده بمجموعات مجلوبة من حفائره التى قام بها فى مدينة الإسكندرية وضواحيها وعندما تم تكليف إيفاريستو بريشيا بإدارة المتحف مابين عام 1932م وعام 1940م ومن بعده أشيل أدريانى مابين عام 1948م وعام 1952م قاما بتزويده أيضا بما عثرا عليه من قطع فى حفائرهما كذلك قاما بجلب المصنوعات اليدوية للمتحف من الحفائر التي أجريت فى منطقة الفيوم .
المتحف اليوناني الروماني هو متحف تمت إقامته في مدينة الإسكندرية والتي كانت عاصمة مصر لمدة 10 قرون تقريبا منذ بنائها في عهد الإسكندر الأكبر مؤسس المدينة وخلفائه البطالمة والرومان اللاحقين لهم وحتي الفتح الإسلامي لمصر في منتصف القرن السابع الميلادى وهو العهد الذى يطلق عليه العصر الإغريقي الروماني وقد بدأ الإهتمام بتاريخ وآثار هذا العصر بعد عام 1866م في عهد الخديوى إسماعيل عندما أكمل محمود باشا الفلكي حفائره في مدينة الإسكندرية والذى كان قد سافر إلي فرنسا في بعثة دراسية لدراسة الطبيعة عام 1850م بترشيح من أستاذه علي باشا مبارك وحصل علي شهادته العليا من هناك عام 1854م وكان أول مصري معاصر يجرى بحثا عن مدينة الإسكندرية وضع خلاله خرائط لمعالمها القديمة حيث نقب في حفائرها وآثارها وموقع سورها القديم وقصورها ومتاحفها ومكتبتها القديمة وقد كتب بحثه باللغة الفرنسية ويعتبر الفلكي أول عالم يضع أول دراسة علمية يخطط فيها لمعالم الإسكندرية القديمة بناءا على ما إكتشفه من خلال أعمال الحفر والتنقيب التي قام بها وقد أطلق إسمه على شارع بمدينة الإسكندرية تكريما له وتقديرا لأعماله الجليلة ثم زاد الإهتمام بشكل أكبر بتاريخ وآثار مدينة الإسكندرية مع تكوين جمعية الآثار في الإسكندرية عام 1893م في عهد الخديوى عباس حلمي الثاني وفي البداية تم تجميع ماتم العثور عليه من آثار بالمدينة في مبني بشارع يعد من أشهر شوارع مدينة الإسكندرية وهو شارع رشيد سابقا طريق الحرية حاليا .
وكان الغرض من إنشاء هذا المتحف هو عرض تشكيلة كبيرة من الآثار التي تم العثور عليها في الإسكندرية وماحولها والتي تخص العهود المذكورة بصفة أساسية وبالتحديد خلال القرون الثلاثة الأخيرة قبل الميلاد والقرون السبعة الأولي بعد الميلاد إلي جانب بعض المقتنيات الفرعونية التي أحضرت من القاهرة ومقتنيات مصرية أخرى أحضرت من الفيوم عبارة عن مومياوات من العصر الروماني علي كل منها صورة لصاحب المومياء تم العثور عليها هناك والداخل إلي هذا المتحف يشاهد أولا تمثالين لأسدين من الحجر الرملى من عهد الملك أبريس وهو من ملوك الأسرة السادسة والعشرين الفرعونية التي حكمت مصر في القرن السادس قبل الميلاد وإلى اليسار يوجد نموذج للحجر المعروف بإسم حجر رشيد نقش عليه نص عبارة عن مرسوم أصدره بطليموس الخامس لكهنة منف عام 197 ق.م كتب بثلاث لغات هي الهيروغليفية والديموطيقية واليونانية وبفضل هذه الكتابات الثلاث ومقارنتها ببعضها البعض تمكن العالم الفرنسى شامبليون الذى تعلم اللغة القبطية على يد كاهن قبطى يدعى يوحنا الشفشتى من مدينة طنطا عاصمة محافظة الغربية حاليا كان يخدم الأقباط بكنيسة بباريس بجوار متحف اللوفر وهذا الحجر كان قد عثر عليه بقلعة برشيد أثناء الحملة الفرنسية على مصر مابين عام 1798م حتي عام 1801م وهو محفوظ حالياً بالمتحف البريطانى بلندن وبجوار هذا الحجر يوجد تمثال من الرخام الأبيض لآلهة النصر وبعد المدخل تبدأ قاعات المتحف المشار إليها في السطور السابقة وكل منها يضم مجموعة أثرية من عصر معين أو تم العثور عليها في أحد الأماكن الأثرية وذلك على النحو التالي :-
— القاعة رقم 1 و2 و4 و5 تضم مجموعة هامة من العصر القبطي عثر عليها بمدينة الإسكندرية منها لوح رخامي مصور للقديس أبو مينا بين جملين رابضين وقاعدة تمثال رخامي عليها نص يخلد عملية تطهير ترعة الإسكندرية القديمة ومجموعة من الأواني الفخارية التي تصور الفن المصرى علي هيئة طيور داجنة وتيجان فخمة من الرخام علي هيئة سلال من الخوص المجدول وتمثال الراعي الصالح رمز السيد المسيح
— القاعة رقم 3 وتوجد بها مجموعة من الحلي الذهبية والتماثيل والتحف الفنية الخاصة بمعبد السرابيوم الذى عثر عليه في منطقة تل عمود السوارى بالإسكندرية
— القاعة رقم 6 ومعروض بها تمثال لرأس الإسكندر الأكبر مصنوعة من الرخام الأبيض بإرتفاع 32 سنتيمتر وقطعتين من الفسيفساء وتمثال للمعبود حربوقراط وتمثال يمثل الصورة المصرية للإله سيرابيس معبود البطالمة علي هيئة ثور أسود إلى جانب تمثال رأس للإسكندر الأكبر مصنوعة من الجرانيت الأحمر وتمثال للآلهة إيزيس بملامح رومانية تمسك بيدها اليسرى إناء لحفظ مياه النيل
— القاعة رقم 7 وتضم هذه القاعة آثار فرعونية من عصور مختلفة بداية من عصر الدولة الوسطي أهمها تمثال ضخم من الجرانيت الوردى للملك رمسيس الثاني
— القاعة رقم 8 وتعرض مومياوات بطلمية واضح بها شدة الإهتمام بالشكل الخارجي للمومياء بحيث تظل محفوظة بشكل جيد علي مر الزمان
— القاعة رقم 9 وتضم مجموعة من الآثار التي تم العثور عليها داخل معبد التمساح بقرية بطن بالفيوم منها باب المعبد الخشبي وتعلوه كتابة يونانية وكذلك لوحتان من الحجر الجيرى عليهما كتابة يونانية إلى جانب جزء من جذع مسلة من حجر الكوارتزيت عليه نقوش هيروغليفية وخزانتان بهما مجموعة من الأواني وتماثيل للأرباب المصرية والرومانية
— القاعة رقم 10 وهي معروفة بإسم قاعة جون أنطونيادس أحد اليونانيين الذين إستوطنوا في الإسكندرية منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادى وحتي وفاته عام 1895م وله فيها القصر والحدائق المعروفة بإسمه والتي أهديت إلى بلدية الإسكندرية عام 1918م بواسطة نجله أنطوني أنطونيادس طبقا لوصيته
— القاعة رقم 11 ومعروض بها القطع الأثرية التي توضح التأثيرات الفنية الإغريقية التي تاثرت بها الفنون المصرية
— القاعة رقم 12 ويوجد بوسطها تمثال لأحد الأباطرة الرومان مرتديا الزى العسكرى وكذلك رأس ضخم لبطليموس الرابع وأخرى لبطليموس السادس وتمثال من الرخام لإله الخمر باكوس ورأس لإحدى ملكات البطالمة ورأس للإسكندر الأكبر تم العثور عليها في قاع خليج أبي قبر وتمثال لإله النيل
— القاعة رقم 13 ويتوسطها أيضا تمثال آخر لأحد الأباطرة الرومان مرتديا الزى العسكرى وتتواجد بجدرانها الأربعة محاريب بداخلها تماثيل رخامية لخطباء وفلاسفة بونانيين
— القاعة رقم 14 وبها مجموعة نادرة من تماثيل الأباطرة الرومان
— القاعة رقم 15 وتضم عناصر معمارية من بقايا مباني ومقابر الإسكندرية ذات الطابع المصرى الروماني المختلط
— القاعة رقم 16 وتضم هذه القاعة ساعد ضخم يمسك بكرة وكذلك تمثال لنهر النيل علي هيئة رجل مترهل وشاهد قبر علي هيئة رجل مسن جالس في هدوء وغطاء ضخم علي هيئة كاهنة وتمثال لكبريس آلهة الزراعة وتمثال لنسر ضخم وتماثيل للآلهة تيخى وفينوس وأبوللو ولأفروديت آلهة الحب
— القاعة رقم 17 وهي أوسع قاعات المعرض وبها مجموعة من الآثار الرومانية عبارة عن مجموعة توابيت تسمي بتوابيت أكاليل الزهور ومجموعة أقراص من البازلت الأسود وتمثال ضخم لشخص جالس علي عرش يظن أنه الإمبراطور الروماني دقلديانوس إلي جانب تمثالين للإلهين سيرابيس وهيرقل
— القاعة رقم 18 ومعروض بها مجموعة من الأواني الاغريقية والرومانية التي تستخدم في الحياة اليومية وفي المعابد وفي المناسبات والأعياد ودمي للعب الأطفال علي هيئة حيوانات وملحق بتلك القاعة قاعة أخرى تعرض إجتماعيات سيدات الإسكندرية خلال العصر البطلمي والأزياء النسائية وأساليب تصفيف الشعر وأدوات الزينة النسائية السائدة في هذا العصر
— القاعة رقم 19 ويتوسطها أرضية من الفسيفساء ملونة ومزخرفة بورود متفتحة ويحيط بكل ركن من أوراق الوردة كأس ذو أيادى حلزونبة
— القاعة رقم 20 وتوجد بها مجموعات من القطع الأثرية التي تم العثور عليها بجبانات الشاطبي والحضرة إلى جانب مجموعة كبيرة من القوارير
— القاعة رقم 21 ومعروض بها مجموعة كبيرة من الأواني والكؤوس والمسارج من العصرين البطلمي والروماني
— القاعة رقم 22 وبها مجموعة متنوعة من القطع الأثرية مهداة من الأمير عمر طوسون عاشق الإسكندرية حفيد محمد سعيد باشا إبن محمد علي باشا والي مصر بين عام 1854م وعام 1863م وتمثال نادر من الرخام الأبيض ورأس رخام لأحد المعبودات الآسيوية ومجموعة من الأباريق الفخارية
المتحف فى ثوب جديد
وأخيرا يعد المتحف اليوناني الروماني من أهم مزارات مدينة الإسكندرية ويحرص كل زائر لها علي زيارته وبالذات من أبناء الجالية اليونانية والتي يقيم عدد كبير منها في الإسكندرية وتوجد علي مقربة منه مجموعة من الفنادق مما ييسر من زيارته مثل فندق الفور سيزونز بسان ستيفانو وفندق تيوليب بمنطقة مصطفي كامل وفندق بلازا بمنطقة زيزينيا وفندق باراديس إن لو متروبول قرب محطة الرمل .
وتقوم حاليا الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بترميم المتحف بعد غلقه لأكثر من ثلاثة عشر عام بتكلفة تصل إلى 120 مليون جنيه مموله من الحكومة المصرية.