ما احلى المقولات المصرية اللى لو تاملناها حتلاقى انها مش بس جملة و الناس اتعودت على سمعها لا دى بتدل على فكر وتربية و سلوك معترف بيه و واخد مشروعيته من الاباء والاجداد مش بس كده دى كمان المقولات دى بتستخدم لحدث معين
تعالوا نشوف ونطبق المثل على اجدادنا
المشهد لموكب الملك سيتى الاول فى مقصورة تحمله ارواح نخن و ارواح بوتو و الملك هنا هو الصورة الحية من الاجداد الراحلين .. الاجداد لم يموتوا و انما هم احياء فى صورة الملك الحى الجالس على عرش مصر . و فوق رأس الملك تقف الربة الحية على الجانبين فى صورة الكوبرا المنتصبة تحمل علامة الشن رمز الأبدية و ريشة الماعت رمز الاتزان و الاتساق مع النظام الكونى – المشهد من مقصورة الملك سيتى الاول بمعبد أبيدوس
يظهر الكهنة وهم يرتدون اقنعة على شكل رأس ابن آوى و رأس صقر و هم يحملون الملك فوق المحفة و كأنه صورة مقدسة لاحد الكيانات الالهية وهنا ترمز هيئة الكهنة فى هذا المشهد لارواح اجداد ملوك مصر و هم عبارة من مجموعتين يطلق عليهما “ارواح بوتو و ارواح نخن”
كانت “بوتو” عاصمة مصر السفلى فى عصر ما قبل الاسرات قبل توحيد مصر فى عصر الملك مينا و مكانها الحالى منطقة تل الفراعين بالقرب من دسوق بمحافظة كفر الشيخ .
اما “نخن” فكانت عاصمة مصر العليا (الصعيد) فى عصر ما قبل الاسرات و مكانها الحالى
منطقة الكوم الاحمر و تقع على بعد حوالى 80كم جنوب الاقصر
يرمز قيام ارواح نخن و ارواح بوتو بحمل الملك سيتى الاول لاتصاله بارواح هؤلاء الاسلاف فملك مصر على اتصال دائم بارواح الاجداد الذين يطلعونه على اسرار اعادة تكرار دورات
الخلق و استمرار السلالة الملكية المصرية و الذى يحدث من خلال العلاقة بين “كا موت اف”
و الأم الكونية ايزيس>
باختصار تقوم ارواح نخن و ارواح بوتو باطلاع الملك سيتى الاول على اسرار السلالة الملكية المصرية و استمرارها من جيل الى آخر من خلال نفس المبدأ الكونى الذى يحكم منظومة النور و دورة حياة الشموس .
و الملك بدوره يستمع اليهم و يظهر لهم الاحترام و خاصة انه عرف بورعه و احترامه للتقاليد
المصرية و تبجيله للاجداد .
يقول النص المصاحب للمشهد على لسان ارواح نخن و ارواح بوتو (اى ارواح اجداد ملوك مصر) التى تخاطب الملك “مين ماعت رع” (سيتى الاول) بهذه العبارات :
( لقد جلست على العرش مثل حورس ابن ايزيس ، ملك الارضين … انت بذرة “كا موت اف”
(ثور امه) الذى خلقك و صورك على صورته … و رحم ايزيس هو الذى جعلك وريثا لعرش
آتوم)
استمر بقاء السلالة الملكية المصرية عبر اجيال طويلة من الملوك و كل منهم يعتبر ابنا “لكا
موت اف” و ايزيس . و بعد ان يولد الابن يعيد بدوره اخصاب الام الكونية لكى يولد من رحمها نسخة جديدة من “كا موت اف” و هكذا تعيد دورات الخلق تكرار نفسها الى ما لا نهاية .
و باعتلاء الملك سيتى الاول عرش مصر صار واحدا من تلك الارواح و التى يطلق عليها لقب
الكاوات الحية . او بعبارة اخرى ان ارواح الاجداد تحيا داخل الملك سيتى الاول الذى يحمل بداخله بذرة السلالة الملكية التى ظلت تنتقل من جيل الى جيل الى ان وصلت اليه . و هو بدوره سينقلها الى ابنه الذى سيرث العرش من بعده
